فلمَّا عقلتُ أمري علمتُ أنِّي لا أقوم بما قلَّدني، ولا أصلحُ للخلافة على المسلمين، فمن كانت لي في عنقه بيعةٌ فهو في حل من نقضِها، وأبرأتُه منها، ولا عقدَ لي ولا عهد في رقابِهم، وهم بُرَآء من ذلك.

وكان القارئُ للكتاب أحمد بن الخصيب الوزير، ثمَّ قام كلُّ واحدٍ منهما قائمًا، وقال لمن حضر: هذه رقعتي وقولي، فاشهدوا عليَّ، فشهدُوا، ولما فرغَ قال لهما المنتصر: قد خارَ الله لكما وللمسلمين، ثم قام فدخل، وتفرق الناس، ونفذت الكتبُ إلى الآفاق بذلك.

وفيها حكمَ محمد بن عمر الخارجي (?) بناحية الموصل، ومال إليه خلق كثير، فبعث إليه المنتصرُ إسحاق بن ثابت الفَرْغَاني، فاقتتلوا فقتل من أصحاب إسحاق جماعة، ثم ظهر عليهم، فأخذ محمد أسيرًا، وقدمَ به على المنتصر مع جماعةٍ من أصحابه، فقُتِلوا وصلبُوا إلى جانب خشبة بابك.

وفيها قويت شوكةُ يعقوب الصفَّار، واستولَى على معظمِ خُراسان، وسارَ من سجستان فنزل هَرَاة، واجتمعَ إليه خلقٌ كثير، وفرَّق فيهم الأموال، فأراد المنتصرُ أن يرسل إليه الجيوش، فأدركتهُ المنيَّةُ، واستُخْلِفَ أحمد بن محمد المعتصم.

الباب الثاني عشر في خلافة المستعين أحمد بن المعتصم (?)

وكنيته أبو العباس، وقيل: أبو عبد الله، وأمُّه أمُّ ولدٍ يقال لها: مُخَارق الصِّقِلِّيَّة، تزوَّجها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015