[وحكى القاضي التنوخيُّ أنَّ الفتحَ بن خاقان خرج] (?) يومًا يتصيَّدُ، وانقطعَ عنه أصحابه وعسكره، فمرَّ على نهرٍ، فعبر على القنطرة، فانقطعتْ من تحته فغرق، وراه فلاحٌ [وهو] لا يعرفُه، فألقى نفسه عليه وخلَّصه بعد أن كاد يتلف، ولحقَه أصحابُه، فأعطى الفلاحَ مالًا عظيمًا، وتصدَّق بمثله، فقال البحتري من أبيات: [من الطويل]

لقد كان يومُ النهرِ يوم سلامةٍ (?) ... أطلَّت ونعماءٍ جرى بهما الدهرُ (?)

مررتَ عليه عابرًا فتشاغبت (?) ... أواذيُّهُ لما طمَى فوقه البحرُ

وزالت أواخي الجسرِ وانهدمتْ به ... قواعدُه العظمى وما ظلمَ الجسرُ

تحمَّل حلمًا (?) مثل قافٍ وهمةً ... كَرَضْوَى وقَدرًا ليس يقدره قدرُ

فما كان ذاك الهولُ إلَّا غَيابةً ... بدا طالعًا من تحت ظُلَّتِها البدرُ

فإن ننسَ نعمى الله فيك فحظَّنا ... أضعنا وإن نشكرْ فقد وجبَ الشكرُ (?)

وقال ابن عساكر: قدم الفتحُ [بن خاقان] دمشق معادلًا للمتوكِّل على جُمازةٍ، ثم نزلَ بالمِزَّة، فلمَّا رحلَ المتوكِّل عن دمشق ولَّاه إيَّاها، فاستخلفَ الفتحُ بها كَلْباتكين التركيّ، وكان الفتحُ على خاتم المتوكل (?).

وكان المتوكِّلُ يقول: إنِّي أشتهي أنْ يحيى الفتحُ معي، ولا أفقده فيتنغص عيشي، ولا يفقدني، فقُتلَ معه كما ذكرنا.

وعمل (?) البحتريُّ في هذا المعنى: [من الخفيف]

سيِّدي أنت كيف أخلفتَ وعدي ... وتثاقلتَ عن وفاءٍ بعهدِي

لا أرتني الأيَّامُ فقدَك يا فتـ ... ـح ولا عرَّفتكَ ما عِشتَ فقدِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015