على سني أمَّة من الأمم زمان من الأزمنة، وتطول أيامه، فإذا نقلوه من كتاب إلى كتاب أو من لسان إلى لسان يقع فيه الغلط، إما بالزيادة فيه أو النقصان منه، كالغلط الذي وقع بين آدم ونوح والأنبياء في السنين، فإن اليهود قد اختلفوا في ذلك اختلافًا متفاوتًا، وكذا ما وقع في تواريخ الفرس مع اتصال ملكهم إلى أن زال، في تخليط كثير.
والدَّليل على صحة ما ذَكَر أبو معشر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجاوزوا عدنان، كذب النَّسّابنون" (?). وسنذكر الحديث في سيرته - صلى الله عليه وسلم - (?).
قلت: وهذا الذي أشرنا إليه يتعلق بالجاهلية، فأما في الإِسلام فقد اختلفت الروايات، فروى الحافظ أبو القاسم ابن عساكر (?) رحمه الله تعالى في "تاريخ دمشق" عن أنس بن مالك أنَّه قال: كان التاريخ من مَقْدَمِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وكذا قال الزهرِي: قَدِم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة في ربيع الأول، فأرَّخوا.
قال الحافظ: المحفوظ أن الأمر بالتاريخ من زمان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (?).
قال ابن عباس: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وليس لهم تاريخ، فكانوا يؤرخون بالشَّهر والشَّهرين من مَقْدمه، فأقاموا على ذلك إلى أن توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانقطع التاريخ, ومضت أيام أبي بكر - رضي الله عنه - على هذا وأربع سنين من خلافة عمر، ثم وضع التاريخ (?).