وقصدهم علي بابًا، فالتقوا واقتتلوا قتالًا شديدًا، وكانت الإبل التي تحت البُجَة زعرةً تخاف من كلِّ شيء، [فلمَّا رأى القُمِّيُّ ذلك، جمع] (?) الأجراسَ التي كانت في أعناق إبل العسكر، فجعلَها في أعناقِ الخيل، ثم حملَ على البُجَة، فنفرت إبلُهم لأصوات الأجراس، واشتدَّ رعبها، فحملتهم على الجبال والأودية، فمزَّقتهم كلَّ ممزَّقٍ، وأتبعهم القُمِّيُّ قتلًا وأسرًا، حتى أدركَه الليل، وذلك في أول هذه السنة (?)، ثمَّ رجعَ إلى معسكره، ولم يقدر على إحصاء القتلى لكثرتهم، ثمَّ جَمَعَ البُجَة جمعًا كبيرًا من الرجالة، وصاروا إلى مكانٍ أَمِنوا فيه، وسار القُمِّي [في طلبهم] (?)، فظفرَ بهم في الليل، فهربَ الملك، فأخذ تاجَه وأمواله، ثم أرسل إليه الملكُ يطلبُ [منه] الأمانَ، وأن يردَّه إلى مملكته وبلاده، ويؤدِّي الخراجَ [المدةَ]، التي فاتته وفي المستقبل، فأمَّنه القُمِّيّ، فأدَّى إليه خراجَ أربع سنين، في كل سنةٍ أربع مئة مثقال، وشرط عليه القُمِّيُّ أنْ يسيرَ إلى باب المتوكل، فاستخلفَ ابنه، وسارَ ومعه سبعون من البُجَة بأيديهم الحراب، فدخلوا سامرَّاء على الإبل، وفي رؤوس حرابهم رؤوسُ أعيان الذين قتلهم القُمِّي، وكسا المتوكل علي بابا درّاعة ديباج وعمامة سوداء [ولم يعرض له المتوكل]، وأمرَ القميّ أن يعيدَه إلى بلاده، فخرج به، فيقال: إنَّه كان معه صنمٌ من حجارؤ كهيئةِ الصبيّ فكان يسجد له.
وولَّى المتوكلُ سعدًا الخادم الإيتاخي البُجَة، وطريق ما بين مكة ومصر، فاستناب [الخادم] القُمِّيَّ (?).
وفيها مات يعقوب بن إبراهيم المعروف بقوصرة مصر (?).
وحجَّ بالناس [عبد الله بن] محمد بن داود، وكان في الحجِّ جعفر بن دينار والي طريق مكة وأحداث الموسم (?).