وقال: لم تكن تفوتُني صلاةُ العتَمَة في جماعة، فنزل بي ضيفٌ، فشُغِلْتُ عنها، وخرجتُ أطلبُ الصلاة، فإذا الناس قد صَلَّوا، فقلت في نفسي: قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "صلاةُ الجَمْع تفضُلُ على صلاة الفذِّ بسبعٍ وعشرين صلاة، أو بخمسٍ وعشرين" فانقلبتُ إلى منزلي فصلَّيتُ سبعًا وعشرين صلاةً، ثم رقدتُ، فرأيت كأنِّي مع أقوامٍ ركابٍ على أفراس، وأنا راكبُ فرس كأفراسهم، ونحن نتجارى، وأفراسُهم تسبقُ فرسي، فجعلتُ أضربه لألحقَهَم، فالتفتَ إليَّ أحدُهم (?) وقال: لا تُجهِد نفسك، فلست بلاحقنا، فقلت: ولم ذلك؟ قال: لأنَّا صلَّينا العشاءَ في جماعة.
توفِّي القَواريريُّ بعسكر المهدي ببغداد في ذي الحجَّة، وله أربعُ وثمانون سنة.
وقال حفص بن عمرو: رأيتُ القواريريَّ في النوم بعدَ موته، فقلت: ما صنع الله بك؟ فقال: غفر لي وعاتبني، وقال: يا عبيد الله، أخذتَ من هؤلاءِ القوم، قلت: يا رب، أنتَ أحوجتَني إلى الأخذِ منهم، ولو لم تحوجْني لما أخذت، فقال لي: قَدِمُوا علينا، وكافيناهُم عنك (?)، ثم قال لي: أمَّا ترضى أنْ كتبتُك في أم الكتاب سعيدًا.
أسند عن أبي عَوَانة وغيره، وكان ثقةً ديِّنًا.
وهو الَّذي رَوى أنَّ عكرمَة بن أبي جهل كان يأخذُ المصحفَ فيضعُه على وجهه ويقول: كلامُ ربِّي. وقال: كتب عنِّي هذا الحديثَ أبو عبد الله أحمدُ بن حنبل في الحبس (?).
أبو عبد الله، السمين البغداديّ، كان صاحب غزو.
وقال: كُنْتُ أعملُ على الشوق، فخرجنَا في غزاةٍ، فالتقينَا بالروم، فأخذني رَوْعٌ، فقلت لنفسي: أي كذَّابة، أين ما كنت تدَّعين؟ ! ثم نزلتُ إلى النهر فاغتسلتُ، وأخذتُ سلاحي وأتيتُ من وراء الروم، وكبَّرتُ تكبيرة عظيمةً -وكان النصر للروم على المسلمين- فلمَّا سُمِعَت التكبيرةُ ظنُّوا أنَّ كمينًا وراءَهم، فانهزموا ومنح اللهُ المسلمين