رحمة الله عليه- أنَّ الله تعالى يُرَى في الآخرة، والعينُ لا تقعُ إلَّا على محدود، والله تعالى لا يُحَد، فقال له المعتصم: ما عندكَ في هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، عندي ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وما قال؟ قال: حدثنا غُندر، عن شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله البَجَلِيّ قال: كنّا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ليلة أربع عشرة من الشهر، فنظر إلى البدر، فقال: "أما إنَّكم سترونَ ربَّكم كما تَرون هذا البدر، لا تُضامُّون في رؤيته (?) "، قال المعتصم: ما عندك في هذا؟ قال: أنظرُ في إسناد هذا الحديث، ثم قام ابن أبي دؤاد وخرج، فاستدعى بالمدينيّ -وهو لا يقدرُ على درهم- فأحضَره، فما كلَّمَه بشيء حتَّى وصلَه بعشرة آلاف درهم، وقال: هذه وَصَلَكَ بها أميرُ المؤمنين، وأمرَ أنْ يدفعَ إليك جميعُ ما يُستَحَقُّ من رزقك، وكان فاتَهُ رزقُ سنتين، ثمَّ قال: يا أبا الحسن، حديثُ جرير بن عبد الله في الرؤية؟ قال: نعم، صحيح، قال: فهل عندكَ فيه شيءٌ؟ قال: يعفيني القاضي من هذا، قال: يا أبا الحسن، هو حاجة الدهر، ثمَّ أمرَ له بثيابٍ، ومركبٍ بسَرْجِه ولجامه، وبطيب، ولم يزل به حتى قال: في إسناده من لا يُعتَمد عليه، وهو قيس بنُ أبي حازم، إنَّما كان أعرابيًّا بوَّالًا على عقبيه، فقام إليه فاعتنقه وقبَّل ما بين عينيه، ثمَّ دخل على المعتصم فقال: يا أمير المؤمنين، هذا يحتجُّ في الرؤية بحديث جرير، وإنما يرويه قيسُ بن أبي حازم، وكان أعرابيًّا بوَّالًا على عقبيه، قال الإمام أحمد رحمه الله: فعلمتُ أنَّه من عمل ابن المديني، وكان آكدَ في ضرب الإمام أحمد (?).