سَقَى العلمُ الفردُ الذي في ظلاله ... غزالانِ مكِّيَّانِ (?) مؤتَلِفَانِ
إذا أَمِنَا التفّا بجيدَي تواصلٍ ... فطرفَاهما للغيبِ (?) مسترقانِ
ثم تنفَّس فظننتُ نَفْسَه تخرج، فقلت: ما الرأي بك (?)؟ فقال: من وراء هذين الجبلين شجنٌ قد حيل بيني وبينه، ونذروا دمي، فأنا أتمتعُ بالنظر إلى هذين تعلُّلًا بهما، فقلت: زدني، فقال: [من الطويل]
إذا ما وَرَدْتَ الماءَ في بعضِ أهله ... حَضورُ فعرِّضْ بي كأنَّك مازحُ
فإنْ سَأَلَتْ عنِّي حَضورُ فقل لها ... به غِيَرٌ مِنْ دائِه وهو صالحُ
فعجبَ الواثق وأمرني أن ألحِّن الأبيات (?)، فغنَّيتُ بها بين يديه، فأمر لي بستين ألفًا، ثم قال: قد قضيتُ حوائجك وما أفكرتَ في السبب! قلت: وما هو؟ قال: الأعرابيُّ، ولم تسألني معونته، وقد كتبتُ إلى والي الحجاز بأنْ يزوِّجَهُ المرأة، ويسوق إليها صداقَها، وأمرتُ له بمالٍ، فقبَّلت يدَه وقلتُ: من يسبقكَ إلى المكارم وأنت سيِّدُها ومولاها.
وقال الخطيبُ: كان الواثقُ مغرى بأكلِ الباذنجان، فكانَ يأكلُ في ساعةٍ منه أربعين باذنجانة، فقال له أبوه: يا بني مَنْ رأيتَ خليفةً أعمى؟ ففهم فقال: يا أميرَ المؤمنين قد تصدَّقتُ بعيني على الباذنجان (?).
وقال الصوليُّ: أهدي إلى الواثق غلامٌ، فأغضَبَه الواثقُ يومًا، فسمعه يقولُ لبعض الخدم: والله إنَّ أمير المؤمنين ليروم منذ أمس أنْ أكلِّمَه، فلم أفعل، قال الواثق: [من البسيط]
يا ذا الذي بعذابي ظلَّ مفتخرا ... ما أنتَ إلا مليكٌ جارَ إذ قَدَرَا
لولَا الهوى لتجارينَا على قدرٍ ... وإنْ أَفِقْ منه يومًا ما فسوفَ ترَى (?)