ويعرف بابن عائشة؛ لأنَّه من ولد عائشةَ بنت طلحة - رضي الله عنهم -.
قدم بغداد فحدَّثَ بها، ثمَّ عاد إلى البصرة، وكان فصيحًا، أديبًا، سخيًّا، حسن الخُلُق، ورعًا عارفًا بأيام الناس، صدوقًا، أمينًا، ثقةً.
قال إبراهيم الحربي: ما رأت عيناي مثل ابن عائشة، فقيل له: قد رأيتَ الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وتقول هذا! فقال: نعم، بُلِّغَ الرشيدُ شيئًا من أخلاقه (?)، فأحضرَه، وعدَّد عليه جميعَ ما سمع منه، وهو يقول: بفضل الله وفضل أمير المؤمنين، فلمَّا سكتَ قال له: يا أميرَ المؤمنين، وأحسن من هذا المعرفةُ بقدري، والقصدُ في أمري، فقال: أحسنت يا عم.
وقال محمد بن زكريا الغَلابي: كنت عند ابن عائشة، فجاءه رجل فسأله أن يهبَ له شيئًا، فنزع جُبَّةً كانت عليه تساوي ستة أو سبعة دنانير، فدفعَها إليه، فقال له وكيله: ما أخوفني عليك أن تموتَ فقيرًا، قال: وكيف؟ قال: كانت لك ستُّ جبات (?)، فوهبتَها، وبقيت لك هذه فوهبْتَها، وهذا الشتاءُ يقبل، فقال: إليك عني، فإني أريدُ أن أكون كما قال الأول: [من مجزوء الكامل]
وفتًى خلا من مالهِ ... ومن المُروءةِ غيرُ خالي
أعطاكَ قبل سُؤاله ... فكفاكَ مكروة السؤالِ
وإذا وَعى (?) لكَ موعدًا ... كان الفعالُ مع المَقالِ
لله درُّكَ من فتًى ... ما فيكَ من كَرَمِ الخلالِ
وقال أبو بكر بن أبي شيبة (?): قال جدِّي: أنفقَ ابنُ عائشة على إخوانه (?) أربع مئة ألف دينار في الله تعالى، حتى باعَ سقفَ بيته.
وكان مع هذه الفضائلِ الكاملة شديدَ القوى، كان يُمسكُ بيمينه ويساره شاتين إلى