فيها خرجَ أبو حرب المُبَرْقَع اليماني بفلسطين على المعتصم، وسببُ خروجه أنَّ بعض الأجناد أراد أن ينزلَ بداره وهو غائبٌ [عنها] , فمانعته زوجته، [وقيل: زوجته أو أخته,] فقنَّعها بسوطٍ، فاتَّقته بذراعها، فأثَّر السوط فيه، فلما رجعَ أبو حرب [إلى منزله بكت وأخبرته بما فعل بها] (?)، فأتى [أبو حرب] إلى الجنديِّ وهو غارّ، فقتله، وخرجَ إلى جبل من جبال الأردن، فأقامَ فيه وتبرقع؛ لئلَّا يعرف، وكان في النهار يجلس [متبرقعًا على الجبل] , فيراه الرائي فيأتيه فيذكِّره ويحرِّضه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويعيبُ السلطانَ [وأعوانه] ونوَّابَه، ويذكرُ ظلمَهم، [فما زال حتَّى استجاب له] (?) خلقٌ من الحرَّاثين وأهل القرى، وكان زعم أنَّه أمويّ، [فقال الذين استجابوا له: ] (?) هذا هو السفيانيّ، فلما كثُرت غاشيتهُ وأتباعه من هذه الطَّبقة دعا أهلَ البيوتات من أهلِ تلك الناحية، فاستجابَ له جماعةٌ من رؤساء اليمانية، منهم] رجلٌ يقال له] ابن بَيهس وكان مُطَاعًا في اليمن، ورجلان من أهل دمشق، فيقال: إنَّه صار في مئة أَلْفٍ، وقيل: في خمسين ألفًا.
وبلغَ المعتصمَ خبرُه، وهو مريضٌ مرضَ الموت، فبعثَ إليه رجاء بن أَيُّوب الحِضاريَّ (?) في ألفِ رجلٍ من الجند، فلمَّا صار إليه [رجاء] وجدَه في عالمٍ عظيم، فكره مواقعته [وهو في مئة أَلْف] فعسكر بحذائه، وطاوَلَه حتَّى جاء أوانُ الزراعة، فانصرفَ الحرَّاثونَ إلى الحرث، وأصحابُ الأراضي إلى أراضيهم، وبقي [أبو حرب] في [نفرٍ زُهاءَ] أَلْفٍ أو ألفين، فناجَزه رجاءٌ، واقتتلوا، فأخذَه رجاء أسيرًا، وقدمَ به على المعتصم، فلامَه لتأخُّر مناجزته، فقال: بعثتني في أَلْفٍ إلى من معه مئةُ أَلْف،