نادى: واعمَّاه، وطلب منهم ديته، ثم أتى موسى فأخبره وقال: يا نبيَّ الله، ما أَجدُ أحدًا يبيِّن لي قاتله سواك، فأمره بذبح البقرة، وذلك قبل أن تنزل القسَامة في التوراة، حكاه السدِّي عن أشياخه.
وقال ابن عباس: أوحى الله إليه أن يأمرهم بذبح البقرة فتنطَّعوا عليه فقالوا: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} [البقرة: 68] وما صفتها- وقد ذكرنا ذلك في "التفسير"- {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} لا كبيرة ولا صغيرة {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} أي: بين الفارض والبكر إلى أن قال: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} أي: شديدةُ الصُّفَرةِ؛ وقال الحسن: أراد بصفراءَ سوداء، والعربُ تسمِّي الأَسودَ أَصفر، وقد أنكروا هذا على الحسن، وقالوا: هو غلط منه، لأن العرب لا تعرف هذا في نعوت البقر، وإنما هو في نعوت الإبل، وإليه أشار الأعشى (?)، وإنما العرب تقول: أصفر فاقع، وأخضر ناصع، وأبيض يَقَق، وأسود فاحم وحالك (?). وقال الجوهري: وربما سمت العرب الأسود أصفر (?).
و{تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البقرة: 69] من حسنها وصفاء لونها. وروى الثعلبي عن علي عليه السلام أنه قال: من لبس نعلين أصفرين لا يزال مسرورًا، وقرأ هذه الآية.
{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: 70] ومعناه: أعاملة هي أم سائمة؟ وإنما لم يقل: تشابهت لأنه أراد جنس البقرِ تشابه علينا {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} إلى وصفها (?).
حدئنا أبو القاسم عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد الخطيب الطوسي بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو لم يستثنوا- يعني أصحاب البقرة-