ألا أيُّها الزوَّارُ لا يدَ عندكم ... أياديكم عندي أجلُّ وأكبرُ
فإن كنتمُ أفردتُمونيَ للرَّجا ... فشُكري لكم من شكركم ليَ أكثرُ
كفاني من مالي دِلاصٌ وسابحٌ ... وأبيضُ من صافي الحديد ومِغْفَرُ (?)
ثم أمر بنهب تلك الأموال، فأخذَ كلُّ واحدٍ على قدر قوَّته.
وقال الفضلُ بن محمَّد بن أبي محمَّد اليزيديّ: كان لرجلٍ حجازيٍّ جاريةٌ حسناء، وكانت شاعرةً حاذقةً بالغناء، فأملقَ، فقدم بغداد، فلم يَحْظَ بطائل، وكان شاعرًا، فقيل له: عليك بأبي دُلَف، فخرج إليه إلى الكَرَج فامتدحه، وباعَه الجاريةَ بثلاثة آلاف دينار، ووصلَه، ورجعَ إلى بغداد حزينًا باكيًا على فقد الجارية، فسلماها إليه، فسألها عن حالها (?)، فقالت: لما فارقتُك استوحشتُ وامتنعتُ من الطعام والشراب والنوم، فدعاني أبو دُلَف وقال: غنِّي، فخنقتني العبرةُ، ولم أستطع الكلام، فجفاني واطَّرحني، وجعلني في حجرةٍ، وأقام عندي امرأة تخدمني، فقلتُ أبياتًا وكتبتها في ورقة، وكنت أتسلَّى بها وهي: [من البسيط]
لو يَعلمُ القاسمُ العِجْليّ ما فعلَا ... لعاد معتذرًا ومطرقًا خجلَا
ماذا دعاه إلى هجرِ المروءة في ... تفريقِ إلفينِ كانَا في الهوى مَثَلَا
فإنَّ مولاي أصمتهُ الخطوبُ بما ... لو مرَّ بالطفلِ عاد الطفلُ مكتهلَا
فباعني بيع مضطرٍّ وصيَّرهُ ... فرطُ الندامةِ بعد البين مختبِلَا
وبتُّ عادمةً للصبر باكيةً ... كأنَّني مُدْنَفٌ قد شارفَ الأجلَا
بين الضرائرِ أُدعى بالغريبةِ إن ... هفوتُ لم ألقَ (?) لي في النَّاس محتمِلَا
فما تبدَّلتُ إلفًا بعد فُرقَته ... ولا تَعوَّضَ مني عابرٌ (?) بدلَا