وقال [بنُ أكثم: قال لي] المأمون: الملوكُ تحتمل كلَّ شيء إلَّا القدحَ في المُلك، وإفشاء السِّرِّ، والتعرُّض للحَريم.
[وقد ذكرنا طرفًا من كلام المأمون للعتابي سنة ثمانٍ ومئتين.
حديثُ المأمون مع الحسن بنِ زيادٍ اللؤلؤي: ]
وقال رشيدٌ الخادم: كان الحسنُ بن زيادٍ اللؤلؤيُّ يساهر المأمونَ ويسامره، فَنَعَس المأمونُ ليلة، فقال الحسن: أنَعَستَ يا أميرَ المؤمنين، ففتح المأمونُ عينَه وقال: لستَ تصلح أن تكونَ من سُمَّار الملوك، وإنما تصلحُ أن تُفتيَ في مُحْرِمٍ صاد ظبيًا، ونحن ظلمناك إذ كلَّفناك ما ليس لك بخُلُق، ثم أنشد: [من الطويل]
ظلمتُ امرأً كلَّفتُه فوق خُلْقه ... وهل كانت الأخلاقُ إلَّا غرائزا
يا غلام، خذ بيده فأَقمه. ولم يسامرْه بعد ذلك.
[حديثُ الخارجيّ:
حكى العَتَّابيُّ قال: ] أُتي المأمونُ بخارجي، فقال له: ما حَمَلك على الخروج علينا؟ قال: قولُه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، فقال له المأمون: وتشهد أنَّ اللهَ أَنزل هذه الآية؟ قال: نعم، قال: من أين علمتَ ذلك؟ قال: من إِجماع الأمَّة، قال: كيف رضيتَ بإجماعهم في التنزيل ولم ترضَ بإِجماعهم في التأويل؟ ! ففهم الرجلُ، فقال: السلامُ عليك يا أميرَ المؤمنين ورحمةُ اللهِ وبركاتُه. ومعنى كلامِ المأمون أنَّها نزلت في المستحلِّين [فهذا معنى التأويل (?).
حديثُ المأمون مع الذين ادَّعَوا النُّبوَّة:
حكى العتَّابي] أنَّ رجلًا في زمن المأمون ادَّعى النبوَّة (?)، فقال [المأمون] ليحيى بنِ أكثم: قُمْ بنا إليه، فخرجا متنكِّرَين، فدخلا عليه، فجلس المأمونُ عن يمينه ويحيى عن يساره، فقال له المأمون: مَن يأتيك من الملائكة؟ قال: جبريل، قال: ومتى كان عندك؟ قال: الساعةَ، قال: وما الَّذي قال لك؟ قال: يدخل عليك رجلان يقعد أحدُهما عن يمينك والآخَرُ عن يسارك، والذي عن يسارك أَلْوطُ خَلقِ الله، فقال