يوافقني في كلِّ أمرٍ أَرومه ... ويغفر ذنبي إنْ أسأتُ إليه
ولمَّا خرج المأمونُ يريد الغزو، دخل عليه أحمدُ بن يحيى (?) النَّحْويُّ اليزيديُّ وكان من ندمائه، وقد نزل بقَارَا من أعمال حِمْص، فأَنشده: [من الكامل]
يا قصرَ ذي (?) النَّخَلات من بارا ... إنِّي حَلَلتُ (?) إليك من قارا
أَبصرتُ أشجارًا على نَهَرٍ ... فذكرتُ أنهارًا وأَشجارا
لله أيَّامٌ نعمتُ بها ... في القُفْص (?) أحيانًا وأطورًا
إذ لا أزال أَرومُ غانيةً ... أَلهو بها وأَزور خمَّارا
أَعصي النَّصيحَ وكلَّ عاذلةٍ ... وأُطيع أَوتارًا ومِزْمارا
فغضب المأمونُ وقال: أنا في وجه العدوِّ وأنت تذكِّرهم نُزَهَ بغداد! فقال له: يا أميرَ المؤمنين، الشيءُ بتمامه (?)، ثم قال:
فصحوتُ بالمأمون من سُكري ... ورأيتُ خيرَ الأمرِ ما اختارا
ورأيتُ طاعتَه مؤدِّيةً ... للفَرْض إِعلانًا وإسرارا
فخلعتُ ثوبَ اللهوِ من عُنقي ... ورضيتُ دارَ الشامِ (?) لي دارا
وظَلِلتُ معتصمًا بطاعته ... وجِوارِه وكفى به جارا
إنْ حلَّ أرضًا فهْي لي وطنٌ ... وأَسير عنها حيثما سارا
فرضي عنه وأَجازه.
وللمأمون: [من الكامل]
قل للذين ترفَّهوا وتنعَّموا ... سَفَهًا جهلتم موضعَ اللذّاتِ
إنَّ النعيمَ إذا أردتمْ غيرُما ... أصبحتمُ فيه من الشُّبُهات