أَيسومني المأمونُ خِطَّةَ عارفٍ (?) ... أَوَما رأى بالأمس رأسَ محمَّدِ
إنَّ التِّراتِ مسهَّدٌ طُلَّابها ... فاكفُفْ لُعابَك عن (?) لُعاب الأسود
إنِّي من القوم الذين سيوفُهمْ ... قتلتْ أخاك وشرَّفتْك بمَقْعد
شادوا بذِكرك بعد طول خُمودِه ... واستنقذوك من الحضيض الأَوْهَد
فقال المأمون: قاتله الله، ومتى كنت خاملًا وقد نشأتُ في حجر الخلفاء! ولكن هو يهجو أبا عبَّادٍ لا يهجوني، وكان في [أبي] (?) عَبَّاد حِدَّة.
قال يحيى بنُ أكثم: قال المأمون: وددتُ لو أنَّ لي رجلًا مثلَ الأصمعيِّ يعرف أيامَ العرب وأشعارَها حتَّى ينادمَني كما نادم الأصمعيُّ أبي، فقلت: ها هنا عَتَّاب بنُ ورقاءَ الشَّيباني، فهو مِثلُ الأصمعي، فقال: عليَّ به، فلما حضر قلت له: إنَّ أميرَ المؤمنين -أطال اللهُ بقاءه- يرغب في مؤانستك ومحادثتِك، فقال: إني شيخٌ كبير عاجزٌ عن ذلك، وقد ذهب مني الأَطْيَبان (?)، فقال المأمون: لا بدَّ من ذلك، فقال عَتَّاب: [من المجتث]
أبعد سِتِّين أَصبو ... والشَّيبُ للمرء حربُ
شيبٌ وعيبٌ وخمر (?) ... هذا لَعَمرُك صعب
فابنَ الإمام فهلَّا ... أيام عوديَ رَطْب
وإذ شِفاءُ الغَوَاني (?) ... مني حديثٌ وقُرب
وإذ مَشيبي قليلٌ ... ومنهلُ العيش عذْب
[فالآن لمَّا رأى بي ... عواذلي ما أحبُّوا] (?)
آليتُ أَشربُ راحًا ... ما حجَّ لله رَكب