فقال يا أمير المؤمنين، مثل عمرو مناصحته لا يوجد، فأخبرته بتفريط ليستدرك ما مضى، فقال له المأمون: أحسنت.

[ولعَمرو بن مَسعدةَ حكاياتٌ مستطرَفة، منها ما ذكره القاضي التَّنوخي في كتاب "الفَرج بعد الشدَّة" (?) وحكاه جدِّي رحمه الله في "المنتظم" (?) فقال: حدَّثنا محمَّد بنُ عبدِ الباقي: حدَّثنا عليُّ بن المحسِّن التنوخيُّ، عن أبيه] قال: قال عَمرو بن مَسعدة (?): كنتُ مع المأمون عند قدومِه من بلاد الروم، حتى إذا نزل الرَّقَّةَ قال: يا عَمرو، ما ترى الرُّخَّجيَّ (?) قد احتوى على [أموال] الأهواز وجمعها وطمع فيها؟ ! وكتبي متصلةٌ في حملها، وهو يتعلَّل [ويتربَّص بي الدوائر! ] (?) فقلت: أنا أكفي أميرَ المؤمنين بأمره، قال: تخرجُ إليه بنفسك حتى تصفِّدَه بالحديد وتحملَه إلى بغداد، وتقبضَ على جميعِ ما في يده من أموالنا، وتنظرَ في العمل وترتِّب فيه عمَّالًا، فقلت: السمع والطاعة.

فلمَّا كان من غدٍ دخلتُ عليه [فاستعجلني] فانحدرتُ (?) في زلَّال أُريد البصرة، واستكثرت من الثلج لشدَّة الحرِّ، فلما صرت بين جَرْجَرَايا وجَبُّل سمعت صائحًا من الشاطئِ يصيح: يا ملَّاح، فرفعت سُجُفَ الزلَّال، فإذا بشيخٍ كبير السِّنّ، حاسر، حافي القدمين، خَلَقِ القميص، فقلت للغلام: أَجِبه، فأجابه، فقال: يا غلام، أنا شيخٌ كبير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015