السنة الخامسة عشرة بعد المئتين

فيها سار المأمونُ من بغدادَ طالبًا الغزوَ لبلاد الرومِ لثلاثٍ بقينَ من المحرَّم، واستخلف على بغدادَ إسحاقَ بن إبراهيمَ بنِ مصعب، وولَّاه مع ذلك السَّوادَ وحُلوانَ وكُوَرَ دِجلة.

[ولمَّا لبس درعَه بكت جاريةٌ له، وقد ذكر قصَّتَها جعفرٌ السرَّاج في "مصارع العُشَّاق" (?)، حدَّثنا أبو محمدٍ عبدُ العزيز بن دُلَفٍ القارئ قال: أَخبرتنا شُهْدة الكاتبةُ بإسنادها (?) إلى يحيى بن أبي حمَّاد، عن أبيه قال: ] وُصفت للمأمون (?) جاريةٌ بكلِّ ما توصَف به امرأةٌ من الكمال والجمال، فبعث لشرائها، فأُتي بها في وقت خروجِه [إلى بلاد الروم] فلمَّا همَّ ليلبَسَ دِرعَه خطرت بباله فأمر فأُخرجت إليه، فلمَّا نظر إليها أُعجب بها وأُعجبت به، وقالت: ما هذا؟ ! فقال: أريد الخروجَ إلى بلاد الروم، فقالت: قتلتَني [يا سيِّدي] وحدرت دموعَها [على خدِّها كنظام اللؤلؤ، وأنشأتْ تقول] (?): [من الوافر]

سأدعو دعوةَ المضطرِّ رَبًّا ... يُثيب على الدُّعاءِ ويستجيبُ

لعلَّ اللهَ أنْ يكفيكَ حربًا ... ويَجمعَنا كما تهوى القلوب

فضمَّها المأمونُ إلى صدره وأنشأ [متمثِّلًا] يقول: [من الطويل]

فيا حُسنَها إذ يغسل الدمعُ كُحلَها ... وإذ هي تُذرِي الدمعَ منها الأناملُ

صبيحةَ قالت في العِتاب قتلتَني ... وقَتْلي بما قالت هناك تحاول (?)

ثمَّ قال لخادمه مسرور: احتفظْ بها وأَكرِم مَحَلَّها، وأصلحْ لها كلَّ ما تحتاج إليه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015