وقال وهب: ولما رجع موسى من التكليم غشَّى وجهه نور عظيم فتبرقع، ولو لم يتبرقع لمات من نظر إليه، ومنذ كلَّمه الله تعالى لم يأتِ النساءَ (?).

فإن (?) قيل: فنور النظر أعظم من نور الكلام وقد رأى نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - ربَّه ليلةَ المعراج، ولما عاد لم يتبرقع، قلنا: موسى كان محبًّا والمحبُّ مشهور، ونبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - كان محبوبًا والمحبوب مستور، ولأن نبيَّنا - صلى الله عليه وسلم - كان رحمة للعالمين، والرحمةُ لا تكونُ مستورةً بل عامة للخلائق أجمعين.

ومنها تذكارهم بالنعم المذكورة

وفي قوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 47] أراد نعمي قال ابن عباس: مِن فَلْقِ البحر، وإنجائهم من فرعون، وإهلاك عدوِّهم، وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم، وظلَّل عليهم الغمام في التيه يقيهم حرَّ الشمس، وجعل عليهم عمودًا يضيء لهم بالليل إذا لم يكن ضوء القمر، وأنزل عليهم المنَّ والسلوى.

وقال مقاتل: شكوا إلى موسى حرَّ الشمس فأنزل الله عليهم غمامًا أبيضَ رقيقًا وليس بغمام المطر بل أرق وأبرد منه، فقالوا: هذا الظلُّ قد حصل، فأين الطعام؟ فأنزل الله المنَّ والسلوى (?).

واختلفوا فيه على أقوال:

أحدها: أنه شيء كالصَّمغ يقع على الأشجار وطعمه كالشهد، قاله مجاهد.

والثاني: أنه الطَّرَنْجَبين، قاله الضحاك.

والثالث: أنه الخبز الرقاق، قاله وهب.

والرابع: أنه عسل كان يقع على الشجر من الليل، قاله السدي.

والخامس: شيء مثل الرُّبّ الغليظ، قاله عكرمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015