فقال قوم: إنه كان يضربُ أيَّ حجر كان، والأصح أنه كان حجرًا بعينه لأنه عرَّفه بالألف واللام، وقد نصَّ عليه ابن عباس وابن مسعود، أما ابن عباس فإنه قال: كان حجرًا خفيفًا من الرخام، وقال ابن مسعود: كان من الكذَّان يضعه في مخلاته، وكان فيه اثنتا عشرة حفرة، وكان يسقي كل يوم ست مئة ألف إنسان وزيادة.
و{قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة: 60، والأعراف: 160] أي: فلا يقتتلون ولا يتعدَّى أحدٌ على أحد. وقال بعضهم: هو الحجر الذي وضع عليه موسى ثوبه ففرَّ وقال: آدر، وسنذكره.
قال ابن عباس: طلبوا من موسى كتابًا يَضبط نادَّهم ويردُّ شاردهم، ويبيِّن لهم فيه الحلال والحرام، فسأل الله تعالى، فأمره أن يصوم ثلاثين يومًا ثم يتمُّها أربعين. واختلفوا فيه على أقوال: أحدها: أنها ذو القعدة وعشر من ذي الحجة. وقيل: ذو الحجة وعشر من المحرم، وهو الأصح، وهو المراد بقوله تعالى: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] وكان التكليم يوم عاشوراء، فقال لأخيه هارون: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ} [الأعراف: 142] أي: كن خليفتي، وأصلح، أصلحهم على طاعة الله وعبادته {وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142] أي: العاصين.
ثم توجَّه نحو الميقات وقد صام ثلاثين يومًا، فوجد لفمه خلوفًا فأنكره وقال: كيف أناجي ربي وأنا كذا، فأخذ عود خرنوبٍ فتسوَّك به، وقيل: من لحاء الشجرة، فعاتبه الله تعالى وقال: أما علمت أن خُلوفَ فم الصائم عندي أطيبُ من ريح المسك؟ فقال: إلهي، ما قصدتُ إلا مناجاتك بفم لا رائحة له وما علمت. قال ابن عباس: قالت له الملائكة كنا نشمُّ منك رائحة المسك فأفسدته بالسواك (?).
وقال جدِّي رحمه الله: قيل لموسى (?): أيها الصائم عن أمرنا لِمَ أفطرتَ برأيك؟ فقال: وجدتُ لفمي خلوفًا وما قصدت بفعلي خلافًا، قيل له: أما علمتَ أن خلوفَ فم