وقال مقاتل: ولما رأى فرعون أن البحر قد انفلق قال لقومه: خاف البحر فانفلق لأُدرِكَ عبيدي وأعدائي. ولما وصل فرعون وجنده إلى الساحل وجدوا موسى وقومه قد عبروا، فقال للقبط: قد سحر موسى البحر، فقالوا له: إن كنت إلهًا فاعبر خلفه، وكان على حصان أدهم، فهاب الحصانُ أن ينزل، فبعث الله تعالى جبريل على ماذيانة وَدِيق، يعني رَمَكَة (?)، فجاءت بين يدي الحصان، فشمها فتقدَّم، فدخل جبريل البحر وفرعون والقوم خلفه، وميكائيل خلفهم يحثهم ويقول: الحقوا أصحابكم، فلما تكامل أولهم وآخرهم، وهمَّ أولهم بالصعود، أمر الله البحر فانطبق عليهم، فذلك قوله تعالى: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64)} [الشعراء: 64] أي: قرَّبناهم إلى الهلاك وقدَّمناهم إلى البحر {وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66)} [الشعراء: 65، 66] يعني فرعون وقومه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} أي: عظة {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 67] قال مقاتل: لم يؤمن منهم غير حزقيل وآسيَة والعجوز التي دلَّت على تابوت يوسف عليه السلام (?).
ولما انطبق البحر عليهم نادى فرعون {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 95].
حدثنا عبد الرحمن بن أبي حامد الحربي بإسناده عن عكرمة عن أبن عباس قال: قال جبريل: يا محمد لو رأيتني وأنا أدسُّ في فيه حمأة البحر مخافة أن يقول لا إله إلا الله فتدركه الرحمة. أخرجه أحمد فقال: حدثنا سليمان بن حرب بإسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لما قالَ فِرَعون: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90] قال جبريل: لو رَأيتَني وقد أَخَذتُ مِن حَالِ البَحرِ فدسَستُهُ في فِيه مَخَافةَ أنْ تَنَالَه الرَّحْمَة" (?).
وقال مقاتل: فقال له جبريل: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} [يونس: 91].
وقال مقاتل: قال جبريل: ما أبغضت أحدًا مثل ما أبغضت فرعون وإبليس، ذاك