{طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الْشَّيَاطِينِ} [الصافات: 65] وإنَّما يقع الوعيدُ بما قد عُرف مثلُه، وهذا لم يُعرف؟ [قال: ] فقلت: إنما خاطب اللهُ تعالى العرب على قدر كلامهم، أَمَا سمعتَ قولَ امرئِ القيس: [من الطويل]

أَيقتلني والمَشْرَفيُّ مضاجِعي ... ومسنونةٌ زُرْقٌ كأنياب أَغوالِ (?)

ولم يرَوا الغُول، ولكن لمَّا كان أمرُ الغول يَهولهم أَوعدوا به، فاستحسن ذلك الفضلُ والرجلُ السائل [أيضًا] (?) فاعتقدتُ (?) من ذلك اليومِ أن أضعَ كتابًا في القرآن لمثل هذا، فلما رجعتُ إلى البصرة، عملتُ كتابي الَّذي سمَّيته كتابَ "المجاز".

[قلت: وقولُ أبي عبيدة: إنَّهم لم يَرَوُا الغُول قطُّ، ليس بصحيح، بل رآه جماعة من العرب، وقد ذكرناه في صدر الكتاب، وأنَّ جماعةً من بني آدمَ نكحوا الغِيلانَ وأَولدوهم.

وأما قولُه تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الْشَّيَاطِينِ} فقد اختلف المفسِّرون في معناه، فقال الفرَّاء: إنَّه شبَّه طَلعَها برؤوس الشياطين لقُبحه؛ فإن رؤوسَ الشياطين موصوفةٌ بالقبح (?). وقال غيرُ الفرَّاء: إنها رؤوسُ الحيَّات؛ فإنَّ جنسًا من العرب يسمِّي جنسًا من الحيَّات شيطانًا، وهو ذو العُرْف قبيحُ المنظر. ذكر القولَين الجوهريُّ في "الصحاح" (?).

وأما الرجلُ الَّذي سأل أبا عبيدة، فإبراهيمُ بن إسماعيلَ بنِ داود كاتبُ الفضلِ بن الربيع.

وحكى الخطيبُ (?) أن] الأصمعيَّ كان يَعيب (?) على أبي عبيدةَ [تصنيفَه كتابَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015