[قال] فقلت: [يا نمير] ألا تخاف الله؟ قال: بلى، ثم قال: أليس يقال: "أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ ثم الأمثلُ فالأمثل" (?)؛ قلت: أنت أعلمُ منِّي.
قال: وصعدت إليه ليلةً باردة وهو قائم في السطح وأمُّه تبكي وهي قائمة، فقلت: يا نمير، بقي منك شيءٌ لم تنكرْه؟ قال: نعم [قلت: وما هو؟ قال]: حبُّ الله ورسولِه.
قال: وصعدت إليه ليلةً في رمضان، فقلت له: لو أفطرتَ معنا (?)، قال: ولم؟ قال: أحبُّ أن تراك أختي تأكل معنا، فقال: نعم، فلمَّا فرغنا [من الأكل] (?) رحمتُه [من أن يراني مولِّيًا وهو في الظُّلمة والريح فبكيتُ] (?) فغضب فقال: إنَّ لي ربًّا. هو أرحمُ بي منك، وأعلمُ بما يصلحني، فدعْه يتصرَّف فيَّ كيف شاء، فإني لا أتَّهمه في قضائه، فقلت: لَئن كنتَ في ظلمة [الليلِ إنَّ جدَّك في ظلمة] اللَّحد، أريد أن أعزِّيه وأطيِّبَ نفسه، فقال: ما جعل روحِ رجلٍ [صالح] مثلَ روحِ رجل متلوِّث (?)، ثم قال: أتاني البارحةَ أبي وأبوك عبدُ الله بن نمير [فأشار إلى موضعٍ كان يصلِّي فيه أبي، قال: ] (?) فقال لي: يا نمير، أما إنِّك ستأتينا يومَ الجمعة شهيدًا.
قال: فأخبرت أمَّه، فقالت: واللهِ ما جرَّبت عليه كذبًا قطّ، وما قال إلَّا حقًّا، وكانت هذه المقالةُ عشيةَ الأربعاء، فجعلنا نتعجَّب ونقول: غدًا الخميس [وبعد غدٍ الجمعة، فهبْه مرض غدًا ومات بعدَ غد، فأين الشَّهادة]، فلمَّا كان ليلة الجمعة، سمعنا هدَّةً وسطَ الليل، فإذا هو قد هاج به ما كان يهيج، فبادر الدَّرجة، فزلَّت قدمُه فسقط فاندقَّت عُنقه، فحفرتُ له إلى جانب أبي ودفنته [وانكببتُ على قبر أبي وقلت: يا أبي، قد أتاك نميرٌ وجاورك] وانصرفت.
فلمَّا كان من الليل نمتُ، فرأيتُ أبي في النوم قد دخل من باب البيتِ وقال [لي]: يا بُني، جزاك اللهُ خيرًا [لقد] آنستَني بنمير، إنَّه منذ أتيتمونا به إلى أن جئتُك يزوَّج بالحور العِين.