كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ} [القصص: 19] فلما سمع الفرعوني مقالة الإسرائيلي، علم أن موسى قتل القبطيَّ، فأخبر فرعون، فأمر بقتل موسى، وعلم حربيل مؤمن آل فرعون وكان ابن عم فرعون فقال: {يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} أي: يتشاورون في قتلك {فَاخْرُجْ} من هذه المدينة {إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: 20] {فَخَرَجَ مِنْهَا} موسى {خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} أي: ينتظر الطلب {قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 21] (?).

فصل في خروج موسى إلى مدين

وقد ذكرنا مدين، قال الله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} أي: قصدها خارجًا عن مصَر وسلطان فرعون {قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} [القصص: 22] أي: قَصْدَ الطريق إلى مدين، وبينها وبين مصر عشر ليال (?). قال وهب: ولم يكن معه زاد ولا درهم ولا دينار ولا حذاء، وكان يأكل ورقَ الشجر، ويمشي حافيًا، حتى سقط نعل قدميه، حتى ورد ماء مدين {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ} [القصص: 23] أي: جماعة، {يَسْقُونَ} مواشيهم {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} أي: تمنعان أغنامهما أو مواشيهما عن الاختلاط بأغنام الناس. وقيل: تحبسان أغنامهما لضعفهما، فإذا شربت أغنام الناس سقيا، وأصل الذِّياد: الطرد. {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا} أي: شأنكما، لا تسقيان مواشيكما مع مواشي الناس؟ {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} أي: لا نقدر أن نزاحم الناس، فإذا صدروا سقينا، {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23].

فإن قيل: فقولهما: "وأبونا شيخ كبير" زيادة على الجواب، قلنا: معناه: لا يقدرُ أن يسقيَ غنمنا فيريحنا.

وعامة العلماء على أنه شعيب الذي قدمنا ذكره، ذكره جدي في "التبصرة" (?)، إلا الحسن البصري ومقاتل، فإن الحسن قال: يقول الناس إنه شعيب، وليس بشعيب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015