وقال الحسنُ (?) بن قريش: وكان للرَّشيد ولدٌ اسُمه القاسمُ في حِجْر عبدِ الملك بن صالح، فكتب عبدُ الملك إلى الرَّشيد: [من مجزوء الكامل]
يا أيُّها المَلِكُ الذي ... لو كان نجمًا كان سَعْدا
اعقِد لقاسم بيعةً ... واقدحْ له في المُلْكِ زَنْدا
اللهُ فردٌ واحدٌ ... فاجعل ولاةَ العهدِ فَرْدا (?)
فبايع هارونُ للقاسم بعد الأمينِ والمأمون، وأعطاه الجزيرةَ والثُّغورَ والعواصم، ولقَّبه المؤتَمن، فقال عبدُ الملك بنُ صالح: [من البسيط]
حبُّ الخليفةِ حبٌّ لا يَدين به ... مَن كان لله عاصٍ يعمل الفِتَنا
اللهُ قلَّد هارونًا سياستَنا ... لمَّا اصطفاه فأحيى الدِّينَ والسُّنَنا
وقلَّد الأمرَ هارون (?) لرأفته ... بنا أمينًا ومأمونًا ومؤتَمَنا
ولمَّا قلَّد هارونُ الأمرَ لبنيه الثلاثةِ وقسم الأرضَ بينهم، اختلف الناسُ في القول، فقال بعضُهم: قد أَحكم أمرَ المُلك. وقال بعضهم: بل أَلقى بأسَهم بينهم، وعاقبةُ ما صنع مَخُوفة. فكان كما قالوا وأَبلغَ، وفي ذلك يقول الشَّاعر: [من الوافر]
أقول لغُمَّةٍ في النَّفس مني ... ودمعُ العينِ يَطَّرد اطِّرادا
خُذي للقول عُدَّتَه بحَزْمٍ ... ستلقَي ما سيمنعُكِ الرُّقادا
فإنَّك إنْ بقيتِ رأيتِ أمرًا ... يُطيل لك (?) الكآبةَ والسُّهادا
رأى المَلِكُ المهذَّبُ شرَّ رأيٍ ... بقِسمته الخلافةَ والبلادا
برأيٍ لو تعقَّبه بعلمٍ ... لبيَّض مِن مَفارقِه السَّوادا
أَراد به ليَقطعَ عن بنيه ... خلافَهمُ ويَبتذلوا الودادا (?)
فقد غرس العداوةَ غيرَ آلٍ ... وأَورث بينهمْ إِلفًا بَدادا (?)