خيرًا، فقال لها: هل بقي شيء؟ فقالت: لا، فقام شريك من مجلسه، وأخذ بيد موسى، وقال: السلام عليك أيُّها الأمير، وأجلسَه معه، وقال: أتأمرُني بشيء، فضحكَ موسى: وأيّ شيء آمر؟ ! وانصرفَ (?).
وقال عمر بن الهيَّاج: كنت في صحابة شَريك، فأتيتُه يومًا، فخرج إليَّ في فروٍ وليس تحتَه قميص، وعليه كساء، فقلت له: قد أصبحت (?) عن مجلس الحكم! فقال: غسلتُ أمس ثيابي، فلم تجفّ، وأنا أنتظرُ جفافها، اجلس، فجلستُ وجعلنا نتذاكرُ باب العبد يتزوَّجُ بغير إذن مولاه، ما تقول فيه؟ وكانت الخيزران قد وجَّهت على الطِّراز رجلًا نصرانيًّا، وكتبت إلى موسى بن عيسى: لا تعصي له أمرًا، فكان مطاعًا بالكوفة، وإذا بالنصرانيِّ قد خرجَ من زُقاقٍ، وبين يديه أعوانه وعليه جبَّةُ خزٍّ وطيلسان خَزّ، وهو على برذونٍ فاره، وبين يديه رجل مكتوفٌ وهو يصيح: واغوثاه بالله، أنا رجل مسلم، أنا بالله وبالقاضي، وإذا آثارُ السياط في ظهره، فصاحَ شَريك بالنصرانيِّ: دعه، فنزل وجاء، فجلس إلى شريك، فقال شريك للمسلم: ما الذي بك؟ فقال: أنا رجل أعمل الوَشيَ، وكراءُ مثلي في الشهر مئةُ درهم، أخذَني هذا فحبسني أربعةَ أشهر في طراز، وقد ضاعَ عيالي، ولم يعطني شيئًا، وطلبتُ منه اليوم أجرتي، فمدَّني وضربني (?)، وكشف عن ظهره، فإذا فيه آثار السياط، فقال شريك للنصراني: قم فاجلس مع خصمك، فقال: يَا أَبا عبد الله، أصلحكَ الله أنا خادم السيدة، مُرْ به إلى الحبس، فقال له: قم ويلك فاجلس مع خصمِك، فقام فجلسَ معه، فقال شريك: ما هذه الآثار التي في ظهره؟ فقال: أنا ضربتُه بيدي، فألقى شريكٌ كساءه فدخل دارَه وأخرج سوطًا ربذيًّا، ثم ضربَ بيده إلى مجامع ثوب النصرانيّ، فألقاه، ثم جعل يضربُه بالسوط ويقول: والله لا ضربتَ بعدها مسلمًا، فهمَّ أعوانُه أن يخلّصوه، فقال شريك: مَنْ ها هنا من صبيان الحي، خذوا هؤلاء إلى الحبس، فهربوا، والنصرانيُّ يبكي ويعصر عينيه، والسوط يأخذه، ويقول: يَا ملعون، والنصرانيُّ يقول: ستعلم، ثم ألقَى السوط