طلع الفجرُ فاستنَّ به، وهرب الشماخُ من ليلته ولم يعلم به إدريس، فلمَّا طلع الفجر استنَّ به وجعل يردِّده في فيه، فسقط فوه ومات، وطلب الشماخ فلم يقدرْ عليه، وخرج إلى إِفريقيةَ وبها إبراهيمُ بن الأغلب عاملُ الهادي، فأَقام عنده، وكتب إلى هارون يُخبره بموت إِدريس، فبعث له صلَةً سَنِيَّة، وولَّاه بريدَ مصر، فقال بعضُ الشعراء، ويقال: إنَّه الهادي أو الرشيد (?): [من الكامل]
أَتظنُّ يَا إدريسُ أنك مُفْلِتٌ ... كيدَ الخلافةِ أو يقيك فِرارُ
إنَّ السيوفَ إذا انتضاها سَخْطةً ... طالت وقصَّر دونها الأَعمار
مَلِكٌ كأنَّ الموتَ يَتْبع أمرَه ... حتَّى تخال تُطيعه الأَقدار
ولَمَّا هلك إدريس ولي مكانَه ابنُه إدريسُ بن إدريس، وأَقام أولادُهم بالمغرب مدَّة.
ابن الحسن [بنِ الحسن بن الحسن] (?) بن عليّ - عليه السلام -، صاحبُ فَخّ، رحمه الله، خرج في هذه السَّنة بالمدينة، وكان عليها عمرُ بن عبدِ العزيز بنِ عبد الله بن عبد الله بن عمرَ بن الخطَّاب - رضي الله عنه -، وكان قبله على المدينة إسحاقُ بن عيسى بنِ علي، فاستعفى، فأعفاه الهادي وولَّى العُمَري.
وسببُ خروجِ الحسين أنَّ العمريَّ أخذ الحسنَ بن محمَّد بنِ عبد الله بن حسن -وكُنيته أبو الزفت- وجماعةً، فحدَّهم في شرابٍ زعم أنَّهم شربوه، وطاف بهم المدينةَ وحبسهم، فجاء إليه الحسينُ بن عليٍّ صاحبُ فَخّ، فلامه وقال: إنَّ أهلَ العراق لا يرون بهذا الشرابِ بأسًا، وقد حددتَهم فأَطلِقْهم. وكان العمريُّ يخاف خروجَ الحسن بن محمَّد المحدود، فاختفى الحسن، وكان صاحبُ فخَّ ويحيى بنُ عبد اللهِ بن حسنٍ قد كفلاه، فطلبه العُمَري منهما، فأَجمعوا على الخروج في تلك الليلة: الحسينُ بن عليّ، والحسنُ ويحيى ابنا عبدِ الله بن حسن، وإدريس بن عبدِ الله بن حسن، وجماعة من بني هاشمٍ وشيعتِهم، فأصبح الحسين بن عليٍّ وقد لبس البَياض وصعد منبرَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -