{قَال مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إلا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} ولم يقل: مَنْ سرق احترازًا من الكذب {إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ} [يوسف: 79] إنْ أخذنا بريئًا بسقيم.

{فَلَمَّا اسْتَيأَسُوا مِنْهُ} [يوسف: 80] أي: يئسوا أن يجيبهم إلى ما سألوا {خَلَصُوا نَجِيًّا} أي: خلا بعضهم ببعض يتناجون ويتشاورون لا يخالطهم غيرهم {قَال كَبِيرُهُمْ} واختلفوا فيه، قال ابن عباس: رُوبيل، وقال مجاهد: شمعون، وقال مقاتل: يَهُوذا، وكان أسنهم وأعقلهم، وقال ابن إسحاق: لاوي {أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيكُمْ مَوْثِقًا} أي: عهدًا {مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ} أي: قصَّرتم {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ} أي: بأرض مصر {حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} بالخروج منها {أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي} بالخروج منها وترك أخي فيها {وَهُوَ خَيرُ الْحَاكِمِينَ} يوسف: 80] الفاصلين بين الناس.

قوله تعالى: {ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ} هذا قولُ أخيهم يَهوذا الَّذي كان محتبسًا بمصر {فَقُولُوا يَاأَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} صُواع الملك {وَمَا شَهِدْنَا إلا بِمَا عَلِمْنَا} وليست هذه شهادة، وإنما هي إخبار عن ما نُسب إلى بنيامين من السرقة {وَمَا كُنَّا لِلْغَيبِ حَافِظِينَ} [يوسف: 81] أي: ما كنا نعلم أنَّ ابنك سيسرق، ولو علمنا ما أخذناه معنا. وقال الضحاك: الغيب بلغة حمير هو الليلُ، يعنون أنَّه سرق ليلًا وهم نيام.

{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} وهي مصر {وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} أي: القافلة، ومن صحبناه من جيراننا، وكل هذا قالوه ليزيلوا التهمة عنهم.

فلما وصلوا إلى أبيهم وأخبروه {قَال بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمّرًا فَصَبْرٌ جَمَيلٌ} أي: حَسَّنَتْ وزيَّنت، ومعناه فصبري جميلٌ {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} يعني يُوسف وبَنْيامين وأخاهما المقيم بمصر {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} بحزني على فقدهم {الْحَكِيمُ} [يوسف: 83] فيما حكم علي {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ} أي: أعرض {وَقَال يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} والأسف أشد الحزن {وَابْيَضَّتْ عَينَاهُ مِنَ الْحُزْنِ} قال مقاتل: أقام ست سنين لم يبصر بهما {فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84] والكظيم: المكظوم الممسك على الحزن الَّذي لا ينتهي عنه، ومنه كظم الغيظ.

وقال أبو إسحاق الثعلبي بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "لَم يُعْطِ الله أمَّةً مِنَ الأممِ" {إِنَّا للَّهِ وَإِنَّ إِليهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] عند المُصيبَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015