[عن إبراهيم] عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس، فقال: لقد استوثقتَ لنفسك (?).
وروى الخطيب عن عبد الله بن رجاء قال: كان لأبي حنيفة جارٌ بالكوفة إسكاف، يعمل نهارَه، فإذا جاء إلى بيته شربَ ليلًا، فإذا دبَّ فيه السكر غزل بصوت يقول: [من الوافر]
أضاعوني وأيَّ فتًى أضاعُوا ... ليومِ كريهةٍ وسِدَاد ثغر
كأنِّي لم أكن فيهم وسيطًا ... ولم تك نسبتي في آل عمرو
أُجرَّرُ في المجامعِ كل يومٍ ... فيالله مظلمتي وصبري
والأبيات للعرجي وقد ذكرناها في ترجمته.
قال: فلا يزالُ يردِّدُ الأبيات حتى ينام، وأبو حنيفة يسمعُ صوتَه عامة الليل، ففقدَ صوته ذاتَ ليلة، فسأل عنه، فقالوا: أخذه العَسَس وهو محبوس، فصلَّى أبو حنيفة الفجرَ ومضى إلى الأمير، فلما علمَ بمجيئه قال: لا يدخل عليَّ إلا راكبًا حتى يطأ بساطي، وخرج إليه والتقاه ورحَّب به، وقال: أنا كنتُ أولى بقصدك، ما حاجتك؟ قال: جاري الإسكاف أخذه العسس، فأمر بإطلاقِه وإطلاق كلِّ المحبسين (?)، فركبَ أبو حنيفة، وجاء الإسكافُ فقبَّل يديه، فقال: يا هذا ما أضعناك (?)؟ فقال: لا والله، بل حفظتَ ورعيتَ، فجزاكَ الله عن جوارك خيرًا، ثمَّ تاب الرجلُ فلم يعد إلى ما كان عليه.
وروى الصيمري عن أبي يوسف قال: قال هارون الرشيد: صف لي أبا حنيفة، قال: فقلتُ: كان والله شديد الذبَّ عن محارم الله، طويلَ الصمت، دائمَ الفكر، لم يكن مِهْذَارًا ولا ثرثارًا (?)، مشتغلًا بما هو فيه عن الناس، لا يذكر أحدًا إلا بخير. فقال هارون: هذه والله أخلاق الصالحين.
وذكر أبو القاسم بن النفيس بإسناده إلى خارجة بن مصعب قال: خرجتُ إلى