صدِّيق يقال له: يعقوب، نبيٌّ من أنبياء الله، قال: فكم أنتم؟ قالوا: كنا اثني عشر، فذهبَ أخٌ لنا مَعَنا إلى البرية فهلك فيها، وكان أحبَّنا إلى أبينا، قال: فكم أنتم هاهنا؟ قالوا: عشرة، قال: فأين الآخر قالوا: عند أبينا لأنه أخو الَّذي هلك من أُمِّه، فأبونا يتسلَّى به، قال: فمن يعلم أنَّ الَّذي تقولون حق؟ قالوا: أيها الملك إنا ببلاد لا نعرفُ بها أحدًا ولا يعرفنا أحدٌ. قال يوسف: فأتوني بأخيكم الَّذي من أبيكم إن كنتم صادقين، فأنا أرضى بذلك. قالوا: إن أبانا يحزن على فراقه وسنراوده عنه وإنا لفاعلون. فقال: دعوا بعضكم عندي رهينة حتَّى تأتوني بأخيكم، فاقترعوا بينهم فأصابت القرعة شمعون (?)، وكان أبرَّهم بيوسف وأحسنهم رأيًا فيه، فخلَّفوه عنده فذلك قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ} يعني حمل لكل واحد بعيرًا بعددهم قَال {ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ} يعني بنيامين {أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيلَ} أي: لا أبخسُ الناس شيئًا وأتمُّ لهم كيلهم وأزيدهم حملَ بعير يعني آخر لأخيكم، وأحسن إليكم {وَأَنَا خَيرُ الْمُنْزِلِينَ} [يوسف: 59] {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ} [يوسف: 60] أي: لا تقربوا بلادي {قَالُوا سَنُرَاودُ عَنْهُ أَبَاهُ} أي: نخدعه حتى يرسله معنا {وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ} [يوسف: 61] ما أمرتنا به.

وروي عن ابن عباس أنَّه قال: لم يأخذ منهم رهينة في المرة الأولى، بل ترك بضاعتهم في رحالهم. ثم قال يوسف "لفتيته (?) "، أي: لغلمانه: {اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} وفِتْيَته هم الذين يكيلون الطعام، والبضاعةُ هنا ثمن طعامهم.

وروى الضحاك عن ابن عباس قال: كانت بضاعتهم النعال والأدم والرحال والأوعية. وقيل: كانت دراهم فوضعوا كل صُرَّةٍ في حِمْل ولم يعلم بها صاحبها {لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [يوسف: 62] إليَّ.

فإن قيل: فلم فعل ذلك؟ فالجواب من وجوه:

أحدها: أنَّه خاف أن لا يكون عند أبيه من الورق ما يرجعون به إليه مرةً أخرى، قاله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015