فكتب إلى جعفر بن محمد، وعبد الله بن حسن، وعُمر بن علي بن الحسين، وبعث بالكتب مع رجلٍ من مواليهم، فبدأ بجعفر، فأحرقَ كتابَه ولم يقرأه، وقال للرسول: قل له: أنتَ شيعة لغيرنا، وهذا جوابُه. وأما عبد الله فقبل الكتابَ، وركب إلى جعفر، فقال: هذا كتابُ أبي سلمة يدعوني إلى الأمر، ويرى أنِّي أحقُّ الناس به، وقد جاءته شيعتُنا من خراسان، فقال له جعفر: ومتى صاروا شيعتَكَ؟ وهل تعرفُ أحدًا منهم. أنتَ بعثتَ أبا مسلم إلى خراسان؟ وأغلَظَ له، فقال عبد الله: هذا الكلامُ منك لشيء. فقال: النصحُ واجب على كلِّ مسلم لكلِّ مسلم، فكيف أدَّخره عنك، فلا تُمنينَّ نفسك الأباطيل؛ فإنَّ هذه الدولة لهؤلاء القوم وليست لأحدٍ من ولد أبي طالب، وقد جاءني كتابُه بمثل ذلك فحرَّقتُه، فانصرف عبد الله غيرَ راضٍ، وأما عُمر فردَّ الكتاب، وقال: ما أعرفُ كاتبَه فأُجيبَه.
وأبطأ الأمر على أبي سلمة وعلى أبي العباس إلى أن لقي حُميد بنُ قحطبة ومحمد بن صول مولى من مواليهم فدلّهما عليهم، فأخرجهم كما ذكرنا (?).
وقال أبو اليقظان: كان أبو الجهم بنُ عطية، وأبو حُمَيد الطوسيُّ من كبار الشيعة الخراسانيين، فسألا أبا سلمة عن الإمام، فقال: لم يَقْدَم بعد، فلقي أبو حُميد مولى لأبي العباس يقال له: سابق الخوارزمي، فسأله عنهم، فقال: هم بالكوفة، قد أمرهم أبو سلمة أن يُخفوا أمرهم، فجاء أبو حُميد إلى أبي الجهم فأخبره.
وقال البلاذُري: خرج صالح بنُ الهيثم رضيعُ أبي العباس ومعه سابق، فلقيهما أبو حُمَيد وكان يعرفُهما؛ لأنه كان يتردَّد إلى الإمام، فقال لصالح: ألستَ رضيعَ ابن الحارثية؟ وقال لسابق: ألستَ مولاه؟ قالا: بلى. قال: فما تصنعان هاهنا؟ فأخبراه، فجمع الشيعةَ ودخل عليهم، فبكى أبو العباس وقال: تركَنَا أبو سلمة هاهنا ولم يُعلمكم بنا، وبلغ أبا سلمةَ، فجاء فسلَّم على أبي العباس بالخلافة، فقال له أبو حُمَيد: على رَغْم أنفك يا ماصَّ بَظْر أُمِّه الخلالة! فقال له أبو العباس: مَهْ. ثم أخرج أبو العباس على بِرْذَون أبلَقَ، وقد أحدَقَ به أهلُه ومواليه، وداود بنُ علي إلى جانبه، والناسُ