وكان قد حجَّ فأنفقَ في حجته ثمانين ومئة ألف درهم، وسألَ اللهَ الشهادة، فاستُشهد بعد مقدمه من الحجّ بأيام.

ثم نادى الجُنيد: الأرضَ الأرضَ. فنزلوا، وخندقوا عليهم، وأُصيب من الأزد مئةٌ وثمانون، وخلقٌ كثير من القبائل.

وكانت الوقعةُ يومَ الجمعة، وباتوا وقد تحصَّنوا بالرِّجال والرِّحال، ليس للعدوّ عليهم طريق إلا من جهة واحدة، وأصبح خاقان يوم السبت، وقصدَهم فلم يقدر عليهم، فنزل مقابلتهم (?).

وقيل للجُنيد: اكتب إلى سَوْرَة بن الحرّ؛ فليُوافِك بأهل سمرقند. فكتب إليه الجُنيد: أغِثْني. فقال له أصحابه: وكيف تصنع بخاقان وهو بينك وبينهم؟ فاعتذِرْ إليه. فكتب يعتذرُ إليه، فكتب إليه الجُنيد: يا ابنَ اللَّخْناء. وشتمه وتهدَّدَه، وقال له: الزم الماء حتَّى نصل إليك.

فخاف فسلك طريقًا آخر، فخرج في خمس مئة (?) من أهل سمرقند. وبلغ التركَ، وسار حتَّى بقيَ بينه وبين الجُنيد فرسخ، وركبَ خاقان، فأحاطَ بهم من كل جانب، وأطلق النار في الحشيش، وكانوا قد عطشوا، فترجَّلوا، فقُتلوا عن آخرهم، وأول من قُتل سَوْرَة. وقيل: كانوا ألفين، فسلم منهم القليل (?).

ولمَّا رأى الجُنيد اشتغال التُّرك بقتال سَوْرَة وأصحابِه خرج من الشِّعب يريد سمرقند، وعاد خاقان، فقيل للجنيد: انزل. فنزلَ، وأحاطَ بهم خاقان، فلما كان في الليل ساروا على حميَّة، وتبعهم العدوّ، فقاتل الموالي قتالًا شديدًا (?)، وتأخَّر العدوّ، ومضى الجُنيد إلى سمرقند، فأقامَ بها، ومضى خاقان إلى بلاده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015