وضِحْكُ الأرانبِ فوقَ الصَّفا ... كمثلِ دمِ الجوفِ يومَ اللّقا
وهذا أصحُّ، لأنه أمارة على وجود الولد، والذي بشَّرها جبريل، قال: أيتها الضاحكة أبشري.
وقال الحسن: لما قدَّم إليهم الطعام امتنعوا فقال: ألا تأكلون قالوا: لا نأكل طعامًا إلا بثمنه قال: إنَّ له ثمنًا، قالوا: وما هو؟ قال: تذكرون اسم الله على أوله، وتحمدونه على آخره. فنظر جبريل إلى من معه وقال: حُق لهذا أن يتخذه الله خليلًا.
فلمَّا بشَّروها: {قَالتْ يَاوَيلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} قال ابن إسحاق: كانت بنت تسعين سنة، وقال مجاهد: بنت تسع وتسعين {وَهَذَا بَعْلِي شَيخًا} [هود: 72] لأنه كان ابن عشرين ومائة سنة، فقالت لها الملائكة: {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي: من صنعه {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيكُمْ أَهْلَ الْبَيتِ} [هود: 73] ويدخل في هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته. ثمَّ قالت سارَة: وما آية ذلك؟ فأخذ جبريل بيده عودًا يابسًا فاهتزَّ في الحال أخضر.
{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ} أي: الخوف {وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى} بإسحاق {يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} [هود: 74] أي: يجادل رسلنا، قال ابن عباس: قالوا: {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ} [هود: 31] فقال لهم إبراهيم: أرأيتم إن كان فيها أربع مئة من المسلمين أتهلكونها؟ قالوا: لا، قال: فمئتان، قالوا: لا، قال: وإن كان فيها خمسون من المسلمين أتهلكونها؟ قالوا: لا، قال: إنَّ فيها لوطًا، قالوا: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [هود: 32] أي: الهالكين، فسكن واطمأنت نفسه.
قال الله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ} أي: حزن لمجيئهم {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} هذا مثل لمن لم يجد من المكروه مخلصًا {وَقَال هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود: 77] أي: شديد، ومنه عصابة الرَّأس، وإنما حزن لوط لأنه لم يعلم أنهم رسل الله، وخاف عليهم من قومه إتيان الفاحشة، ولم يخف على قومه لأنه كان قد سأل الله هلاكهم.
وقال السُّدي: خرجت الملائكة فأتوا لوطًا وقت القائلة وهو في أرض له يعمل، وقد أمرهم الله أن لا يهلكوا قومه حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات، فاستضافوه فانطلق معهم يمشي إلى بيته.