[قال ابن الكلبي: ] وكان نُصيب يُشبِّبُ بأمِّ مسكين، واسمها زينب [وكانت بيضاء مستحسنة، وقيل: كانت سوداء].
قال الضحَّاك بن عثمان الحزامي: خرجت أُريد الحج، فنزلنا الأبواء، فإذا بامرأة حسناء، فأعجبتني، فأنشدتُ:
بزينبَ ألْمِمْ قبلَ أن يرحلَ الرَّكْبُ ... وقُلْ إنْ تَمَلِّينا فما مَلَّكِ القَلْبُ
وقولا لها ما في البِعاد لذي الهوى ... مريح (?) وما فيه لصدع النَّوى شعبُ
فقالت: يا فتى العرب، أتعرفُ لمن هذا الشعر؟ قلتُ: نعم، لنُصَيب. قالت: أفتعرف زينب؟ قلتُ: لا. قالت: فأنا زينب [والميعاد لزيارته اليوم، ولعلك لا تبرح حتَّى تراه. قال: فبينما هي تحدّثثي وإذا براكب قد أقبل، فأناخ راحلته وأتى الخيمة، وإذا به نُصَيب، فسلَّم وجلس ناحية، وأخذَ يُنشدها ما أحدث من شعره، فقلت في نفسي: عاشقان أطالا النَّأيَ مدَّة، ولا بدَّ أن يكون لأحدهما إلى صاحبه حاجة، فقمتُ لأشدَّ راحلتي، فقام معي، فركبنا ووَدَّعَها، وتسايَرْنا، فقال لي: خطر ببالك كذا وكذا؟ قلتُ: نعم. قال: وربِّ الكعبة ما جلستُ منها مجلسًا أقربَ من هذا، ولا كان بيني وبينها مكروهٌ قطّ] (?).
وقال معاذ (?): دخلتُ مسجد الكوفة، فرأيتُ رجلًا لم أرَ أَشدَّ سوادًا منه، ولا ثوبًا أنقى من ثوبه. [قال: ] فقلت: من أنت؟ فقال: نُصَيب. قلت: أخبرني عنك وعن أصحابك. فقال: جميلٌ إمامُنا، وعُمر أوْصَفُنا لِرَبَّات الحِجال، وكُثَيِّر أبكانا على الأطلال والدِّمَن، وأمَّا أنا فقد قلتُ ما قد سمعتَ. قلتُ: فإنَّ الناس يزعُمون أنك لا تُحسن الهَجْو. قال: فأقَرُّوا أنَّني أُحْسِنُ أن أمدح؟ قلتُ: نعم. قال: أفَتَراني لا أُحسنُ أن أقول مكان: عافاك الله: أخزاك (?) الله؟ ! قلت: بلى. قال: ولكنّي رأيتُ الناسَ بين