أحدها: لإطعامه الطعام ولم يكن يأكل إلَّا مع الضيف، رواه عبد الله بن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. حدَّثنا جدَّي حدَّثنا أبو القاسم الحريري بإسناده عن عبد الله بن عمرو قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سألت جِبرِيلَ لمَ اتخَذَ الله إِبراهيمَ خَلِيلًا؟ فَقال: لإطعامِهِ الطَّعَامَ (?) ".
الثاني: لأنه أصاب أهل ناحيته جدب (?)، روى أبو صالح عن ابن عباس قال: أصابت الناسَ سنةٌ جهدوا فيها، فجاؤوا إلى باب إبراهيم يطلبون الطعام، وكان له صديق بمصر، وكان يبعث إليه غلمانه بالإبل فيمتارون (?)، فذهبوا إلى صديقه فلم يعطهم شيئًا، وقال: لو كان إبراهيم إنما يمتار لنفسه احتملنا ذلك، فقد دخل علينا من الشدَّة ما دخل على الناس، فرجعوا من عنده، فمرُّوا على كثيب رمل، فقال بعضهم: خذوا منه لئلا يقول الناس لم يأتوا بشيء، فمرُّوا تلك الغرائر وجاؤوا فأخبروا إبراهيم بأن صديقه لم يعطهم شيئًا، وأنَّهم ملؤوا الغرائر رملًا، فنام مهمومًا. وجاءت سارَة -وكانت غائبة- ففتحت بعض الغرائر تظنُّ أنَّ في الغرائر دقيقًا، فإذا دقيق حوَّارى (?)، فعجنت وخبزت، فانتبه إبراهيم فرأى الخبز فقال: من أين هذا؟ قالت: من عند خليلك المصري. فقال: بل من عند خليلي الله، ففرَّقه على الناس فاتخذه الله خليلًا (?).
والثالث: لأنه لما كسر الأصنام غَيرةً لله اتخذه الله خليلًا، قاله مقاتل (?).
والرَّابع: لأنه لم يخير بين شيئين إلَّا اختار ما لله فيه رضىً. قاله الربيع بن أنس.
وقال ابن سعد بإسناده عن ابن عباس قال: لما اتخذ الله إبراهيم خليلًا كان له يومئذ ثلاث مئة عبد فأعتقهم، فكانوا يجاهدون بين يديه (?). وإبراهيم أوَّل من عمل القسيَّ العربية، وأما القسيُّ الأعجميَّة فأوَّل من عملها نمرود (?).