جامعُها جامعُ المحاسنِ قد ... فاقتْ به المُدْنَ في جوامعِها
بَنيَّةٌ بالإتقان قد وُضِعتْ ... لا ضيَّع الله سَعْيَ واضِعها
تُذكر في فضلِه ورِفعتِهِ ... أخبارُ صِدْقٍ راقت لسامعِها
إذا تفكَّرت في الفُصوصِ وما ... فيها تيقَّنتَ حِذْقَ راصِعِها
أحكمَ ترخيمَها المُرَخِّمُ قد ... بأن عليها إحكامُ صانِعها
وإن تحكَّمْتَ (?) في قناطرِهِ ... وسقفِه بان حِذقُ رافِعها
وإن تبيَّنْتَ حُسْنَ قُبَّتِهِ ... تحيَّرَ اللُّبُّ في أضالِعها
تخترِق الرِّيحُ في مَخارِمها ... عَصْفًا فتقوى على زَعازِعها
وأرضُه بالرّخامِ قد فُرِشَتْ ... يَنفَسِحُ الطَّرفُ في مواضعها
مجالسُ العلمِ فيه مُونقةٌ ... يَنشرح الصَّدرُ في مجامعِها
وكلُّ باب عليه مَطهرَةٌ ... قد أمِنَ الناسُ دَفْعَ مانِعها (?)
من أبيات.]
وقال الوليد بن مسلم: ولما ولي عمر بن عبد العزيز أراد نقض الجامع، وإدخال ما فيه في بيت المال، فعزَّ على أهل دمشق والأشراف، فخرجوا إليه، فقال لهم خالد بن عبد الله القَسْرِيّ: ائذنوا لي حتى أُكلِّمه، فأذنوا، وكان عمر بدَير سَمعان، فقدموا عليه، فلما دخلوا قال له خالد: بلغنا أنك تريد أن تفعل في جامعنا كذا وكذا، قال: نعم، أموال أُنفقت في غير وجهها فأنا رادُّها في بيت المال، فقال خالد: والله ليس لك ذلك، فقال عمر - رضي الله عنه -: فهو لأمك النصرانية، فقال خالد: إن كانت نصرانية فقد ولدت مسلمًا، فاستحى عمر وقال: صدقت، وجرى بينهما كلام، ورجع عمر - رضي الله عنه - عن رأيه في خراب الجامع لمعنيين:
أحدهما: أن رُسُل الروم كانوا إذا وردوا عليه سألوه أن يدخلوا الجامع، فيأذن لهم، فإذا رأوه هابوا الإسلامَ وأهلَه، وقد كان أقسَّاؤهم يقولون لهم: إن العرب لا