[وقال الهيثم: ] دخل رجل على الحجاج فقال: أيها الأمير أرعِني سمعك، واغضضْ عني بَصرك، فإن سمعت خطأ فدونك والعقوبة، قال: قل، قال: عصى عاصٍ من عُرض العشيرة، فضُرب على اسمي، وهُدم منزلي، ومُنعت عطائي، فقال الحجاج: أما سمعتَ قول الشاعر: [من الكامل]
جانيك مَن يجني عليك وربما (?) ... تُعدي الصِّحاحَ مَباركُ الجُربِ
ولَرُبَّ مأخوذٍ بذنْبِ قريبه ... ونجا المُقارفُ صاحبُ الذَّنبِ
فقال الرجل: إن هذا خلاف قول الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15] فقال: صدقتَ، وأمر ببناء داره، وردّ عطائه، ثم أمر الحجاج مناديًا فنادى: صدق الله وكذب الشاعر.
[وذكر القصة صاحب "العقد" وقال: فقال الرجل: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إلا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يوسف: 79]، فقال الحجاج: صدق الله وكذب الشاعر.
وذكر أبو القاسم بن عساكر عن الهيثم بن عدي: أن هذه الواقعة جرت مع أبي بن الإباء، دخل على الحجاج فقال له: أيها الأمير، إني موسوم بالميل، مشهور بالطاعة، خرج أخي مع ابن الأشعث، فقدِم منزلي، ومُنِعتُ عطائي، وذكره وقال: إن الرجل لما أنشده الحجاج قال: إني سمعت الله يقول غير هذا، قال: وما قال جل شأنه؟ قال: {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَال مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إلا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ} [يوسف: 78، 79] فقال الحجاج: يا غُلام، اردد اسمَه، وابنِ دارَه، وأعطه عطاءه، وأَمر مناديًا ينادي: صدق الله وكذب الشاعر.
وحكى أبو القاسم الحافظ أيضًا عن الهيثم بن عَديّ قال: ] كتب عبد الملك إلى الحجاج: أما بعد، فإذا ورد عليك كتابيَ فابعث إليّ برأس أسْلم بن عَبد الكندي (?)؛ لما قد بلغني عنه. فأحضره وقال: هذا كتاب أمير المؤمنين، فقال: أعزَّ الله