عَضُدَيها، وأما تنافُس المِعزى؛ فإنها ترعى من أنواع الثَّمَر ونَوْرِ النبات ما يُشبع بطونَها، ويملأ عُيونَها (?).
وهناك رجل من الموالي فقال له: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، غير أني لا أُحسن أن أقولَ ما يقول هؤلاء، أصابتني سَحابةٌ بحُلْوان، فلم أزل أطَأُ في أَثَرها حتى دخلتُ عليك، فقال الحجاج: لئن كنتَ أقصرَهم في وصف المطر خُطبة، إنك لأطولهم بالسيف خُطوة.
[وقال أبو عمرو الشَّيبانيّ: ] قرأ الحجاج سورة هود، فلما انتهى إلى قصة نوح لم يدر كيف يقرأ {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيرُ صَالِحٍ} [هود: 46]، فقال: انظروا مَن ها هنا من القُرَّاء، فقالوا: رجل بالباب، وشُغل الحجاج فحُبس، فأقام ستة أشهر لا يذكره، فعرض الحجاج السجون يومًا فرآه، فقال: فيمَ حُبست؟ فقال الرجل: في ابن نوح، فضحك الحجاج وأطلقه (?).
وقُدِّم بين يديه يوم الجماجم أسير، فقال: على أيِّ دينٍ أنت؟ فقال: على دين إبراهيم حنيفًا مسلمًا فقتله، وقُدِّم آخر فقال: على أيَّ دينٍ أنت؟ فقال: على دين أبيك يوسف، فقال: كان والله صوَّامًا قوّامًا وأطلقه (?).
وقال الشعبي: كان الحجاج يطوف في الليل، فإن رأى واحدًا بعد العشاء قتله، فبينا هو ليلة يمشي إذ نظر إلى غلامين يتناظران، فقال: من أنتما؟ فقالا: أخوان في الإسلام، معروفان في الأنام، كلّ واحدٍ منا ينطق بلسان صاحبه، يفرح لفرحه، ويتألّم لألمه، فقال: انْتَسِبا، فقال أحدهما: [من الطويل]
أنا ابنُ الذي لا يُنزل الدهرَ قِدرَه ... وإن أُنزلتْ يومًا فسوف تعودُ
ترى الناسَ أفواجًا إلى ضوء ناره (?) ... فمنهم قيامٌ تحتها وقُعودُ