[واختلفوا في معناه؛ قال الأصمعي: ] عَنى به الشدَّة والصَّلابة، [وقال الرِّياشيّ: إن عبد الملك] (?) قصد هوانه؛ لأنه لما كتب إليه: أنت عندي سالم؛ تداخله العجب حتى ولَّى قتيبة خراسان، فأراد عبد الملك أن يُذِلّه، وكان قَدَح ابنِ مقبل يُهان ويُبْذَل، ولا يُمنع منه أحد (?).
وكان الحجاج يتفاصح على عبد الملك فكان عبد الملك يرميه في كتبه بالقَوارع؛ كتب إليه مرة:
أوصيك بما أوصى به البَكريُّ زيدًا، فلم يَدرِ ما معناه، وجمع الناس وسألهم فلم يفهموا، فدخل عليه أعرابيٌّ فقال: فيمَ أنتم؟ فأخبروه، فقال: عنْدي -والله- علمُه، قال: وما هو؟ قال: قول القائل: [من الطويل]
أقولُ لزيدِ لا تُتَرْتِر فإنهم ... يَرونَ المنايا دون قتلِكَ أو قتلي
فإن وَضَعوا حربًا فضعها وإن أَبَوا ... فشُبَّ وقود النَّارِ بالحطب الجَزْلِ
فقال الحجاج: صدق، قد أكثرنا على أمير المؤمنين فقال: لا تترتر، ووصل الأعرابي (?).
وقتل الحجاجُ عِمران بن عِصام العَنَزِيّ -وكان فاضلًا شجاعًا شاعرًا فصيحًا- فكتب إليه عبد الملك: ويلك يا بن أبي رِغال، يا عبدَ ثقيف، يا بقايا ثمود، قتلتَ عمران بعد قوله: [من الكامل]
وبَعَثْتَ من وَلَدِ الأَغَرِّ مُعَتِّبٍ ... صَقْرًا يلوذ حَمامُه بالعَوْسَجِ
فإذا طَبَخْتَ بنارِه أنضَجْتَه ... وإذا طَبَخْتَ بغيرها لم تُنْضِجِ
وهو الهِزَبْرُ إذا أَرَدتَ فَريسةً ... لم يُنْجِها منه صَريخُ الهجهجِ (?)
وبلغ عبد الملك تبَرُّمَ الناس بالحجاج، وإقدامه على سفك الدماء، فكتب إليه: