واتفق العلماء على أن من جنى في الحرم أنه يقتصُّ منه لأنه هَتك حرمته، فيقام الحدُّ عليه عقوبة على الجناية.
واختلفوا فيمن جنى خارجًا منه ثم التجأ إليه:
قال ابن عمر وابن عباس والعبادلة: لا يقام عليه الحدُّ فيه، ولكن لا يبايع ولا يشارى حتى يخرج منه فيقام الحدُّ عليه، وبه أخذ أبو حنيفة.
وقال الشافعي ومالك: يقام عليه الحدُّ فيه قياسًا على موارد الإجماع. وقد قتل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ابن خطل وهو متعلِّق بأستار الكعبة (?).
ولنا قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] وقياسه على موارد الإجماع لا يصحّ، لأنه هناك هتك حرمة الحرم بخلاف ما نحن فيه. وأمَّا ابن خطل فإنه قتل لكفره، وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد أهدر دمه.
قال أحمد بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ هذا البَلَد حرامٌ حرَّمَه الله يومَ خَلَقَ السَّماواتِ والأرضَ، فهو حرامٌ بحُرمةِ الله إلى يوم القيامةِ، وأنَّه لا يَحِلُّ القِتَالُ فيه لأحدٍ قَبلِي، ولم يَحِلَّ لي إلَّا ساعةً مِن نَهارٍ، لا يُعضَدُ شوكهُ، ولا يُنفَّر صيدُهُ، ولا تُلتَقَطُ لُقَطَتُه إلَّا من عرَّفها، ولا يُختَلَى خَلاه". فقال العباس: يا رسول الله، إلَّا الإذْخِرَ، فإنَّه لقينهم وبيوتهم، فقال: "إلَّا الإذْخِر".
وفي رواية: "لا يُعْضَدُ عِضَاهُها، ولا تَحلُّ لُقَطَتُها إلَّا لمنشِدٍ" فقال العباس: إلَّا الإذْخِرَ، فإنَّه لصَاغتِنا وسُقُوفِ بيوتِنا. أخرجاه في "الصحيحين (?) ".
وعضد (?) الشجرة أي: قطعها، ذكره الجوهري، والعِضاه شجر له شوك كالطَّلح