[قلت: حكى أبو القاسم ابن عساكر عن أبي مُسهر، عن الحَكَم بن هشام حكايةً غريبةً في وفاة بِشْر بن مروان؛ قال الحَكَم: ولَّى عبدُ الملك بنُ مروان أخاه بِشْرَ بنَ مروان العراقَين، فلما وصلَ إلى العراق كتب إليه: يا أمير المؤمنين، قد شغلتَ إحدى يديّ -وهي اليسرى- وبقيَتْ اليمنى فارغة، لا شيءَ فيها.
فكتب إليه عبد الملك: قد شغلتُ يمينك بمكةَ والمدينةِ والحجازِ واليمن.
فما بلغه الكتاب حتى وقعت القَرْحةُ في يمينه، فقيل له: اقْطَعْها من مَفْصلِ الكَفّ. فجَزع، فما أمسى حتى بلغت المرفق، فأصبح وقد بلغت الكتف، وأمسى وقد خالطت الجوف].
وكتبَ بشر إلى عبد الملك: أمَّا بعد، يا أمير المؤمنين، فإني كتبتُ إليك وأنا في أوَّل يوم من أيام الآخِرة، وأخِرِ يوم من أيَّام الدنيا. وكتب في أسفله:
شكوتُ إلى الله الذي قد أصابني ... من الضُّرِّ لمَّا لم أَجِدْ لي مُدَاويا
فؤادٌ ضعيفٌ مستكين لِما بِهِ ... وعظمٌ بدا خِلْوًا من اللحم عاريا
فإنْ مِتُّ يا خيرَ البريَّةِ فالْتَمِسْ ... أخًا لك يُغني عنك مثلَ غَنَائيا
يُواسيك في السَّرَّاء والضُّرِّ جَهْدَهُ ... إذا لم تجِدْ عند البلاءِ مُواسِيا
فجَزعَ (?) عبدُ الملك، وأمرَ الشعراءَ فرَثَوْه (?).
[قلت: وهذه الحكاية وهم؟ لإجماع المؤرخين أن صاحب الأَكَلة في يده إنما هو زياد بنُ أبيه. أمَّا بِشْرُ بنُ مروان فمات بغير هذه العلة كما قال المدائني] (?).
وقال الحسن البصري (?): قدم علينا بِشْر بن مروان البصرة -وهو أبيضُ بَضٌّ، ابنُ خليفة، وأخو خليفة- واليًا على العراق، فأتيتُ دارَه، فلما نظر إليَّ الحاجبُ قال: يا شيخ، مَنْ أنت؟ قلت: الحسن. قال: ادْخُلْ ولا تُطل الحديثَ مع الأمير، واجعل