وأفسدَ عليك آخرتَك، بلغني أنك تقول له: يا ابنَ ذاتِ النِّطاقَين، أنا واللهِ ذاتُ النِّطاقَين، فأمَّا أحدُهما؛ فكنتُ أرفعُ به طعام رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وطعامَ أبي بكر من الدَّوابِّ، وأما الآخرُ؛ فنِطاقُ المرأةِ لا تستغني عنه. أَمَا إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حدَّثَنا أنَّ في ثَقِيفٍ كذَّابًا ومُبِيرًا، فأمَّا الكذَّابُ؛ فقد رأيناه، وأمَّا المُبِير فلا إخالُك إلا إيَّاه. فقام عنها ولم يُراجِعْها. انفرد بإخراجه مسلم (?).

وقوله: عَقَبة المدينة: يريد مكة، وقُبور اليهود: ليس المراد به في الإسلام، بل في الجاهلية. [لأن اليهود كانت تسكن الحجاز قديمًا، وكان موسى - عليه السلام - قد جهَّزَ جيشًا من بني إسرائيل إلى العمالقة، فقتلوهم بمكة] (?).

والكذَّاب الأوَّلُ: المختار، والثاني: الحجَّاج. والمُبير الفاتك.

وصلبَ الحجَّاجُ ابنَ الزُّبير على ثَنِيَّة كَدَاء بالحَجُون، وربطوا إلى جانبه هرَّةً ميِّتة، فكان ريحُ المسك يغلبُ على ريحها، فأرسلَتْ إليه أسماء: قاتلكَ الله! علامَ تصلُبُه؟ ! فقال: إنّي استبَقْتُ أنا وإيَّاه إلى هذه الخشبة، فسبقَني (?).

[وقال أبو أحمد الحاكم: ] وجمعَتْ أسماءُ أوصال عبدِ الله قطعةً قطعةً، فكانت تغسلُ كلَّ قطعة وتضعها في أكفانه، فأرسلَ إليها ابنُ عمر يصبِّرُها، فقالت: وما يمنعني من الصبر ورأسُ يحيى بن زكريا حُمل إلى بغيٍّ من البغايا في طَسْت؟ !

وحكى ابنُ عساكر أنها حملَتْه إلى المدينة، فدفنته في دار صفيَّة بنت حُيَيّ، فزِيدَتْ تلك الدار في المسجد، فابنُ الزُّبير مدفون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - (?).

وحكى [أيضًا] أنَّ الحجَّاج حمل رأسه إلى المدينة، ثم إلى الشام، ثم إلى خُراسان، فدُفنَ بها (?).

ولما قتلَ الحجَّاجُ ابنَ الزبير ارتجَّتْ مكَّةُ بالبكاء، فصعد الحجَّاج المنبر وقال: يا أهل مكة، بلغني إكبارُكم واستفظاعُكم قتلَ ابنِ الزُّبير، إنَّ ابنَ الزُّبير كان من خِيار هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015