ولكن ما اجتمع اثنان في بلد على مثل ما اجتمعنا عليه إلا وأخرجَ أحدُهما صاحبَه. فقال له عمرو: أَغدرًا (?) يا ابنَ الزرقاء؟ ! قال: نعم (?).
ثم أذّن المؤذّنُ للعصر، فقام عبدُ الملك، وخرج إلى الصلاة، وقال لعبد العزيز بن مروان: اقتله. فأخذَ السيفَ وقصدَه، فقال له: ناشَدْتُك اللهَ والرَّحِمَ أن تتولَّى قَتْلي، ولْيَتَوَلَّاه أبعدُ منك منّي نسبًا. فاستحى عبدُ العزيز منه، فتركه.
ولما خرج عبد الملك وليس معه عمرو؛ ذهبَ الناسُ إلى يحيى بن سعيد، فأقبلَ في ألفٍ من مواليه ومعه حُميد بن حُريث وزهير بن الأبرد، فكسروا باب المقصورة، وضربوا الناس بالسيوف، وجُرح الوليد بنُ عبد الملك في رأسه كادَ أن يأتيَ على نفسه، فحُمل صريعًا.
وسمع عبدُ الملك الضَّجَّة، ولامَ أخاه عبدَ العزيز على ترك قتله، ثم قامَ هو بنفسه إليه وبيده الصَّمصامة (?)، وقال: أضْجِعُوه، فأضجَعوه، فجلسَ على صدره، وذبحَه، ثم ارتعدَ عبدُ الملك، وسقطَ عنه مغشيًّا عليه، فيُقال: ما قتلَ أحدٌ قريبَه إلا وجرى عليه مثلُ هذا.
ثم أخذ عبدُ الرحمن بن أمِّ الحَكَم رأسَه، فألقاه إلى أصحابه.
[ويقال في بعض الروايات: إن عبد الملك أمر غلامه أبا الزُّعيزعة بقتل عمرو، فقتله، ورمى برأسه إلى أصحابه].
وخرج عبدُ العزيز بن مروان بالبِدَر (?)، فألقاها إلى الناس، فأخذوها وتفرَّقوا.
[وهذه روايات الواقدي وهشام] (?). ثمَّ إنَّ عبدَ الملك استردَّ تلك الأموال فيما بعد.