وقال خالد بن صفوان: قال [لي] العباس بن الوليد بن عبد الملك: أخْبِرْني عن تسويدكم الأحنف، وكنتم حيًّا لم تملكوا فِي جاهليَّة قطّ؟ !
فقلت له: سادَنا فِي خِصال: ما رأينا أشدَّ سلطانًا على نفسه منه، وقد يكون الرجلُ عظيمَ السلطان على نفسه ولا يكون بصيرًا بالمحاسن والمساوئ، ولم نر أحدًا (?) أبصر منه بذلك، وكان لا يحسد، ولا يجهل، ولا يدفع الحقّ (?).
[وقال الأصمعي: إنما أخذ الأحنف الحلم من قيس بن عاصم. وقد ذكرناه فِي سنة سبع وأربعين.
وقال المدائني: ] وكان الأحنف يومًا عند معاوية فِي وجوه أهل الشام، فقام رجل، فسبَّ أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب رضوان الله عليه، فغضب الأحنف وقال: يا معاوية، لو علم هذا أنَّ رضاك فِي لعنِ الأنبياء لَلَعَنَهم، فاتَّقِ اللهَ، ودَعْ عنك [ذكر] أمير المؤمنين، فقد لقيَ ربَّه، وخلا بعمله، ولقد كان - واللهِ - المبرِّزَ بسَبْقِه، الطاهرَ ثوبُه، الميمونَ النقيبة، الَّذي عَمَّتْ مصيبتُه. فقال له معاوية: والله لتصعدنَّ المنبرَ، ولَتَسُبَّنَّه. فقال الأحنف: إن تُعْفِني فهو خيرٌ لك. قال: وكيف؟ قال: واللهِ لئن صعدث المنبر لأقولنَّ: إن معاوية أمرني بكذا وكذا. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمَّار: "تقتُلُك الفئةُ الباغية". فالعنوها. فقال معاوية: حسبُك (?).
و[قال الأصمعي: ] قال معاوية [يومًا] للأحنف: أخبرني عن قول الشاعر:
إذا ما مات مَيْتٌ من تميم ... فسرَّكَ أن يعيش فجِئْ بزادِ
بخبزٍ أو بلحمٍ (?) أو بإقْطٍ (?) ... أو الشيءِ الملفَّف (?) بالبِجادِ