ثم قدم الحَنْتَف المدينة، وتلقَّاه أهلُها، وفرحوا به [وقالوا: ما أنت إلا الحتف، لا الحَنْتَف] (?).
وبعث ابنُ الزبير أخاه مصعبًا، فضرب رقابَ الأُسارى في مصارع شهداء الحَرَّة، فيُقال: أصحاب حُبَيش زادوا على قتلى الحَرَّة.
وجعل الحنتفُ يضربُ أعناقهم ويقول: يا لَثَارات أهل الحَرَّة. وقال الحَنْتَف: مَنْ أتاني بيوسف الثقفيّ وابنهِ الحجَّاج، فله ما أراد. فسارت الخيلُ في آثارهما، فلم تدركهما.
ودعا أهلُ المدينة؛ الرجالُ والنساءُ والصبيان للحَنْتَف وقالوا: شفيتَ الصدور.
وسار الحَنْتَف إلى مكة (?).
وقيل: إن الذي قتل حُبَيش بن دُلَجَة يزيدُ بن سِيَاه [الأسواري؛ رماه بنُشَّابة فقتله، فلما دخلوا المدينة؛ وقف يزيد بن سِياه] على بِرْذَوْن أشهب، وعليه ثياب بياض، فاسودَّ البِرْذَوْن والثياب ممَّا طرح عليه الناس من الطِّيب، ومسحُوا بأيديهم (?).
وفيها قُتل نافع بنُ الأزرق الخارجيّ، وكانت شوكةُ الخوارج قد اشتدَّت (?) لأنه كان قد وقع الخلاف بين الأزد وتميم والقبائل بسبب قتل مسعود بن عمرو، فقصد نافع البصرة، فلم يظفر منها بشيء، فسار إلى الأهواز، فأرسل إليه أهل البصرة مسلمَ بنَ عبيس، فالتقوا بمكان يقال له: دَوْلَاب (?)، فاقتتلوا قتالًا لم يُرَ مثلُه، فقُتلَ مسلمُ بنُ عبيس [و] نافعُ بنُ الأزرق، فأمَّرت الخوارجُ عليهم عبد الله بنَ الماحوز، وأمَّر أهلُ البصرة عليهم الحجَّاج بن باب الحميري، فأقاموا أيامًا يقتتلون، وجاءت الخوارجَ نجدةٌ، فانهزمَ أهلُ البصرة بعد قتالٍ شديد، وجاء الفَلُّ (?) إلى البصرة، فخاف أهلُها.