فرسانَها، وأنتُم ليس معكم رجَّالة يحمونكم، فإذا التقيتُم فبُثُّوا المَقَانِبَ (?) والكَتائبَ فيما بين ميمنتهم وميسرتهم، فإنْ حمَلَتْ كتيبةٌ ترجَّلَت الكتيبةُ التي إلى جانبها وحَمَتْها، ومتى شاءت كتيبة ارتفعت، ومتى شاءت شغلت (?)، ولا تكونوا صفًّا واحدًا، فإنَّ الرجال إذا حملوا على الصفّ انتقض، ولْتُرْدِفِ الكتائب بعضُها بعضًا.

ثم وقف زُفر، فدعا لهم، وسأل اللهَ النُّصرة والمعونة، فدعا له الناس.

وقال له ابن صُرَد: نِعْمَ المنزولُ به أنت، أكرمتَ النُّزُل، وأحسنتَ الضيافة، ونصحتَ في المشورة.

ثم إنَّ القوم جَدُّوا في المسير، ورتّب ابنُ صُرَد الكتائب كما أمره زُفَر، وساروا على الشَّمْسانيَّة، ثم على السُّكَير (?)، حتى أتَوْا عين وَرْدَة، فنزلوها في غربها، وسبقوا القومَ إليها، فعسكروا، وأقاموا خمسًا، وأراحوا خيلهم واستراحوا إلى أن جاء القوم، فكانت الوقعة على عين وَرْدَة.

حديث الوقعة

وأقام ابنُ صُرَد لمَّا نزل على عين وردة خمسًا، وأقبلت عساكر الشام مع ابن زياد، فأقام ابنُ زياد بالرَّقَّة، وجهَّزَ إليهم الجيوش، فقصدوهم حتى بقي أهل الشام من عين وَرْدَة على يوم وليلة، وكان عُبيد الله بنُ زياد في ثلاثين ألفًا، والتوَّابون في أربعة آلاف (?).

وعلم سليمان بنُ صُرد، فقام فخطب، وقال في خطبته: أما بعد، فإنَّ الله قد أتاكم بعدوِّكم الذي دأبتُم في السير إليه آناء الليل وأطراف النهار، فإذا لقيتُموهم فاصدُقوهم اللقاء، واصبروا، فإنَّ الله مع الصابرين، وإنكم قد أتيتُموهم في عُقر دارهم، [وما غُزِيَ قومٌ في عُقر دارهم] (?) إلا ذَلُّوا، لا تقتلوا مدبرًا، ولا تُجهزُوا على جريح، ولا تُوَلُّوهم الأدبار. هذه سيرةُ أمير المؤمنين علي - عليه السلام -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015