ثم أجمع القوم على المسير إلى قتال ابنِ زياد، وكانوا قد انتظروا إخوانهم من أهل البصرة والمدائن، وأبطؤوا عليهم، فقال سليمان: لعلَّ عوَّقهم قلةُ نفقة، أو أمر آخر، فسيروا، فهم يلحقون بنا.

فساروا عشيَّة الجمعة لخمس مضين من شهر ربيع الآخِر سنة خمس وستين، فنزل سليمان دار الأعور (?)، وتخلَّف عنه ناسٌ كثير، ثم سار، فنزل أقساس (?) -بلد على شاطئ الفرات- لعرض الناس، فسقط منهم نحوٌ من ألف رجل، فقال سليمان: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إلا خَبَالًا} لأنَّ الله كره انبعاثهم فثبَّطهم.

ثم أدلجوا، فَصَبَّحُوا قبرَ الحسين - عليه السلام -، فلما رأَوْه صاحُوا صيحة عظيمة واحدة، وبكَوْا، فما رُئي باكيًا أكثر من ذلك اليوم (?). وقالوا: يا ربَّنا، إنَّا خذلنا ابنَ بنتِ نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -، فاغفر لنا ذنوبنا، وتُبْ علينا. وتضرَّعوا وبكَوْا.

ثم ساروا [و] على الناس أربعة (?): سُليمان بن صُرَد، وهو أمير القوم، والمسيَّب بن نَجَبَة الفَزَاري، وعبد الله بنُ سعد الأَزْدي، وعبد الله بن وال التَّيمي، ورِفاعة بن شدَّاد البَجَلي، والأمورُ راجعةٌ إلى ابنِ صُرَد، فأخذُوا على طريق [الحَصَّاصة، ثم على] الأنبار، ثم على صَنْدُودَاء (?)، ثم على القَيَّارة، وجعل سليمانُ على مقدمته كُريب بن يزيد (?) الحميري. وتَقَدَّمهم عبد الله بنُ عوف الأحمري (?) يرتجز، فقال وهو على فرس كُمَيت (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015