فاقتتلوا، وترجَّل مروان ومن معه، وصاح الضحَّاك: اغد (?) يا ابن الزرقاء. قال مروان: نعم. وكان قد تفرَّق عن الضحاك أصحابُه، فترجل أيضًا، وترجَّلت القيسيَّة معه، وقاتلت قتالًا لم يُعهد مثله، وقُتل من القيسيَّة مقتلةٌ لم يُقتل مثلُها في موطن قط، وقُتل مع الضحَّاك يومئذٍ ثمانون رجلًا من أشراف قيس ممَّن كان يأخذ في العطاء ألفين، وقُتل من أصحاب مروان خلقٌ عظيم لم يُقتل مثلُهم من القبائل (?).
وجُرح الضحاك، فسقط إلى الأرض، ولم تعلم به القيسيَّة، ومرَّ به رجل من كلب، فحزَّ رأسَه، واسم الرجل زُحْمَة (?) بن عبد الله، والذي قتله مالك بن يزيد (?) الكلبي من بني عُليم.
وجاء زُحْمة برأسه إلى مروان، فقال له: أنتَ قتلته؟ قال: لا. فأعجبَه صدقُه، وأحسنَ إليه (?).
ولما حضر بين يدي مروان رأسُ الضحاك أُسقِطَ في يده، وقال: الآن حين كبِرَتْ سنِّي، ورقَّ عظمي، وصِرتُ في مثل ظِمْءِ الحمار (?)؛ أقبلتُ بالكتائب أضربُ بعضَها ببعض (?)! .
ولم يضحك رجالٌ من قيس بعد يوم المَرْج حتى ماتوا, ولم يحضرها عبد الملك بن مروان تورُّعًا.
وكانت الوَقْعة في ذي الحجة سنة أربع وستين في منتصفه. وقيل: في تمامه.