قال الحُصين بن عبد الرحمن بن عَمرو بن سعد بن معاذ: أوَّلُ دُورٍ نُهبت يوم الحَرَّة -[والحربُ] لم تنقطع بعدُ- من دور المدينة دارُ بني عبد الأشهل، فما تركوا في المنازل من حُلِيّ على امرأة، ولا أثاث ولا ثياب (?)، ولا فراش إلا نقضُوا صوفَه، ولا دجاجةٍ إلا ذُبحت، ولا حمام إلا ذبح، ثم يُسَمِّطون الدجاجَ والحمامَ خلفَهم (?)، ثم يخرجون من هذا البيت، فيدخلون هذا البيت. فلقد مكثنا على ذلك ثلاثًا، ومسلمُ بنُ عقبة نازلٌ بالعقيق والناسُ في هذا الأمر حتى رأينا هلال المحرَّم.
ولقد دُخل دارُ محمد بنِ مَسْلَمة، فتصايحَ النساء، فأقبل زيد بنُ محمد ومعه نفرٌ قِبَلَ الصوت، فوجدوا عشرة (?) ينتهبون، فقتلوا الشاميين، وخلَّصوا ما أخذوا منهم، وأقبلَ نفر آخر من الشاميين، فاقتتلوا على الباب وفي الدار، فقُتل زيدُ بنُ محمد على بابه، وقُتل معه سَلَمة بن عبَّاد بن وَقْش، وجعفر بن يزيد بن سِلْكان، فوُجدوا صَرْعى، وفي زيد بنِ محمد أربعٌ وعشرون ضربة (?)، منها أربع في وجهه.
أبو جعفر المدني، وكان منادم يزيد، ومعاويةُ يسمع غناءه فلا ينكر عليه.
ولما نزل أهلُ الشام المدينةَ وفعلوا ما فعلوا؛ جعل السائب يقول: أنا مُغَنّ، وقد خدمتُ أميرَ المؤمنين يزيد. فقال له واحد من أهل الشام: غنّ لنا. فغنَّى، فقام إليه واحد، فقتله.
فلما عُرضَتْ أسامي القتلى على يزيد وبلغ اسمَه قال: إنَّا لله، وبلغ القتل إلى سائب خاثر وطبقته! ما أظنُّ بقي في المدينة أحدٌ.
ثم قال: قبَّح الله أهلَ الشام، لعلَّهم صادفوه في طريق أو في حائط مستترًا، فقتلوه.