وأما أنت يا ابن النابغة؛ فأضرمتَ المدينة عليه نارًا، ثم هربتَ إلى الشام، ونزلتَ فلسطين تُحَرِّضُ عليه الصادر والوارد، حتى دعا. . . (?) في شِعاف الجبال حيث عزلك عن مصر، ولم تكن عنده [إلا] كذُبابٍ مرَّ على أنفه، فلما بلغك قَتْلُه دعَتْك عداوةُ أمير المؤمنين إلى أن لَحِقْتَ بهذا -وأشار إلى معاوية- فبِعْتَ منه دينَك وأمانتَك -إن كان لك دين- بمصر.
فقال معاوية: يا ابنَ عباس، حسبُك، فقد عرَّضَني عمرو لك ونفسَه (?) إلى سماع هذا، فلا جزاه الله خيرًا.
دخل شريك (?) بن الأعور الحارثي على معاوية، وكان آدمَ (?) دميمًا، إلا أنه كان شريفًا في قومه، وكان شيعيًّا، شهد صفِّين مع علي - عليه السلام -، فأراد معاويةُ أنْ يضعَ منه، فقال: إنك لشريك، وما لله من شريك، وإنك ابنُ الأعور، والصحيحُ خيرٌ من المعيوب، وإنك لدميمٌ حِنْزَقْرَةٌ (?) أسود، فكيف سوَّدَك قومك؟ فقال له شريك: إنك لمعاوية، وهل معاويةُ إلا كلبةٌ عَوَتْ فاستَعْوَت الكلاب، وإنك ابنُ صخر، والسهل خير، وإنك ابنُ حَرْب، والسِّلْمُ خير (?)، فكيف صِرْتَ أميرَ المؤمنين؟ ثم خرج مُغْضَبًا وهو يقول:
أَيَشْتِمُني معاويةُ بنُ حربٍ ... وسيفي صارمٌ (?) ومعي لساني
وحولي من ذوي يَمَنٍ لُيوثٌ ... ضراغمة تَهُشُّ إلى الطِّعانِ
فلا تبسُطْ لسانَك يا ابنَ هندٍ ... علينا أَنْ بلغْتَ مدى الأماني
فإنْ تَكُ للشقاء لنا أميرًا ... فإنَّا لا نُقيمُ على الهوانِ
وإنْ تَكُ من أميَّة في ذُراها ... فإني من بني عبد المدانِ