وكتب إليه عمرو بن سعيد: أمَّا بعد، فإنَّ الحُسين قد توجَّه إليك، وفي مثلها تُعتَق أو تُسْتَرَقّ (?).
ولما خرج الحسين - رضي الله عنه - لقي عِيرًا من التنعيم قد أقبلوا بها من اليمن إلى يزيد بن معاوية من بَحير بن ريسان الحِمْيري عاملِه على اليمن، وعليها وَرْسٌ وطِيب، فأخذه، عليها الحسين - رضي الله عنه -، وأوفاهم كِراءها، وأخذ بعضَهم معه إلى العراق، فأحسن إليهم (?).
وقال الفرزدق: خرجْنا حُجَّاجًا؛ فلما كنَّا بالصِّفَاح (?)؛ إذ بركبٍ عليهم اليلامق (?)، ومعهم الدَّرَق، فلما دنوتُ منهم، إذا أنا بالحسين بن علي، فقلت: أبو عبد الله! فقال: يا فرزدق، ما وراءَك؟ قلت: أنتَ أحبُّ الناس إلى الناس، والقضاء في السماء (?)، والسيوفُ مع بني أميَّة (?).
قال يزيد الرِّشْك: حدَّثني من شافَهَ الحسين (?) قال: رأيتُ أبنيةً بفلاةٍ من الأرض مضروبةً، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: للحسين. فأتيتُه، فإذا شيخ يقرأ القرآن ويبكي، ودموعُه تسيل على خَدَّيه، فقلت: بأبي أنتَ وأمِّي! ما أنزلك هذه البلاد؟ فقال: هذه كُتبُ أهلِ الكوفة إليّ، ولا أُراهم إلا قاتلي، فإنْ فعلوا ذلك؛ لم يَدَعُوا للهِ حُرْمَةً إلا انتهكوها، فيسلِّطُ الله عليهم من يُذِلُّهم حتى يكونوا أَذَل من فَرَمِ الأَمَة (?).
وقد كان الحسين - رضي الله عنه - قَدَّمَ مسلم بنَ عَقِيل ابن أبي طالب، إلى الكوفة، وأمره أن ينزل على هانئ بن عروة المُرادي، وينظرَ إلى اجتماع الناس إليه، ويكتب إليه بخبرِهم.