فذَكَر ابنُ زياد في بعض الليالي أنه يُريد قتلَ الخوارج غدًا، وبلَغَ السَّجَّانَ، فخافَ أن يَسمع مِرْداس بذلك فلا يحضر، فلمَّا كان آخِرُ الليل عاد مِرْداس إلى السجن، فقال له السَّجَّان: بلغكَ ما عَزَمَ عليه الأمير؟ قال: نعم. قال: فكيف عدت؟ ! قال: قد أحسنْتَ إليَّ، فما جزاؤك أن يُساءَ إليك بسببي (?)؟
وجلس زياد يقتل الخوارج، ثم دعا (?) بمرداس ليقتلَه، فوثبَ السَّجَّانُ -وكان ظِئْرًا لعُبيد الله (?) - فأخبرَه خبرَه، وقصَّ عليه القصَّة وقال: هَبْهُ لي. فوهَبَه إيَّاه.
وفي سنة ثمان وخمسين ولَّى معاويةُ مالكَ بنَ عبد الله بن سِنان الخَثْعَمِيّ من أهل فلسطين قتال الروم وكنيته أبو حَكِيم على الصوائف (?)، فسمَّاه المسلمون ملك الصوائف، وله صحبة (?)، يُعرف بمالك السرايا؛ لكثرة غزْوهِ (?).
وهو من الطبقة الثالثة من أهل الشام.
ولَمَّا أمَّره معاويةُ على الصوائف سمَّاه المسلمون ملك الصوائف، وشَتا بأرض الروم سنة ستّ وأربعين، [وقادَ الصوائف أربعين] سنة؛ في أيام معاوية، ويزيد، وعبد الملك بن مروان (?).
وقال أبو المُصَبِّح الحمصي (?): كنَّا نسيرُ بأرض الرُّوم، فنظر مالكٌ إلى جابر بن عبد الله يمشي ويقود بغلًا له، فقال له مالك: أَلَا تَرْكبُ يا أبا عبد الله؟ فقال جابر: